الكلى والسموم (2)

أول من لفت النظر إلى حدوث التهاب مزمن في النسيج البيني و تنكرز حلمات الكلى من جراء استعمال المسكنات لمدة طويلة هما العالمان سبوهلر وزولينجر عام 1953 في عمال مصانع الساعات السويسرية ، ثم تأكد هذا المرض سريعاً في باقي العالم، معظم البشر في العالم يشترون المسكنات من الصيدليات ومحال البقالة ويتناولونها بأنفسهم بدون أن يصفها له الطبيب خاصة الأسبرين والمسكنات المركبة التي تحتوي على الفناستين والأسبرين وقد يكون معها الكافيين والكودايين أو بيروبوكسبفين أو الباربيتيورات أو مضادات الهستامين أو المطمئنات أو المهدئات أو غيرها.
يحدث مرض الكلى بعد تناول 2كجم تقريباً (6حبات يومياً لمدة خمس سنوات) ، ويتمكن من الجسم بعد تناول 7كجم (لوحظ أن بعض البشر يتناولون أكثر من هذه الكمية إذ يتناول الواحد منهم من 20ـ50 كجم في حياته) بعض المرضى يتناولون هذا القدر من المسكنات بدون ظهور أعراض جانبية وبدون حدوث تسمم ولكن بعضهم الآخر يبدأ ظهور مرض الكلى لديه إذا تجاوز 2كجم ، مرض الكلى أقل حدوثاً في المرضى الذي تناولون مسكناً واحداً طوال حياتهم(الأسبرين مثلاً ) أما الذين يتناولون المسكنات المركبة ، خاصة تلك التي تحتوي على الفناستين مع الأسبرين فهم بالذات عرضة لهذا النوع من مرض الكلى (ومن الغريب أن السلطات الصحية في أنحاء العالم لم تحرم استخدام الفناستين في الطب بالرغم من تحريمها لاستعمال كثير من الأدوية بناء على قرائن أضعف من تلك التي تأكدت من استخدام الفناستين) وقد تحول الأطباء في السنوات الأخيرة لاستعمال باراستامول بدلاً من الفناستين (وهو أهم نواتج أيض الفناستين في الجسم) لكونه أقل في سميته من المركب الأصلي.
يسبب استعمال المسكنات التهاباً مزمناً في النسيج البيني للكلى مع ضمورها كما يساعد على حدوث الالتهابات الميكروبية بالكلى ، ويظهر التنكرز في حلمات الكلى من جراء التسمم بالمسكنات ، يحدث فشل كلوي مطرد لوظائف الكلى خاصة ضعف القدرة على تركيز البول وانخفاض في الترشيح ، يظهر الزلال في البول في معظم المرضى كما تكثر في البول الأسطوانات وكرات الدم الحمراء والبيضاء ، ويستمر تدهور المريض حثيثاً إلى أن يحدث الفشل الكلوي ثم الوفاة.
يكثر المرض خاصة في متوسطي العمر ، خاصة بين النساء ، لأن هذه هي الفئة التي تتناول كميات كبيرة من المسكنات خاصة إذا كن يعانين من قلق نفسي أو صداع آلام روماتزمية ، ويكثر بين المرضى حدوث القرحة الحمضية وفقر الدم ، إذا توقف المريض عن تعاطي المسكنات فإن التحسن في وظائف الكلى سيحدث ولن يستمر ضمور الكلى بل قد يزداد حجمها تدريجياً ، أما إذا كان المرض متقدماً بالكلى فإن التدهور سيستمر إلى أن يعاني المريض من الفشل الكلوي المزمن .