تختلف أعضاء الجسم المختلفة في شدة المستضادات على خلاياه ، فهي أقوى ما تكون على الطحال والكبد والأنسجة اللمفاوية ، وهي متوسطة الشدة على الكلى والرئة و الكظر والقناة الهضمية ، وهي ضعيفة على القلب والعضلات والدماغ ، تتعرف الخلايا اللمفاوية الصغيرة في جسم المستقبل على هذه المستضادات وتستجيب لها مناعياً بتكوين أضداد لها يؤدي إلى عملية طرد العضو المزروع في الجسم.
يمكن تثبيط الاستجابة المناعية للعضو المزروع فيه بإحدى الوسائل الآتية:
ـــ إعطاء المستقبل كمية كبيرة من الستيرويدات الكوريتكية.
ـــ تناول المستقبل جلوبيولين ضد الخلايا اللمفاوية.
ـــ تعاطي جلوبيولين ضد الخلايا اللمفاوية.
ـــ ربط القناة الصدرية جراحياً أو تحويل السائل اللمفي بها.
ـــ استئصال الغدة التيموسية.
ـــ تعريض الجسم بأكمله للإشعاع.
كان الأطباء قديماً يعالجون المستقبل بالستيرويدات الكورتيكية والإميوران لمنع الجسم من طرد الكلى المزروعة ، ولكنهم اتجهوا الآن إلى علاج المرضى بالسيكلورسبورين الأقل ضرراً والأكثر فاعلية في تثبيط مناعة الطرد ، وتستخدم إحدى الوسائل الأخرى (أو كلها) إذا بدأت عملية الطرد فعلاً لمحاولة إيقاف العملية .
كيف تختار الكلية من الواهب لزراعتها في المريض الذي يحتاجها؟
في حالة زراعة الكلى بين الأحياء فإن الكلية المثلى هي كلية مت توأم مثيل ، ثم تأتي الكلية من أحد أقرباء الصف الأول (الوالد أو الوالدة أو الابن أو البنت) ثم من أحد أقرباء الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة ، لأنه كلما كانت القرابة وثيقة كلما كان احتمال توافق الأنسجة كبيراً ، وتنتقي كلية القريب الذي تتقارب فيه أنسجة الجسم مع أنسجة المريض المستقبل ، ثم تأتي الكلية من متبرع غريب عن المريض إذا توافقت أنسجته مع أنسجة المستقبل لدرجة كبيرة.
ولكن الحل الأمثل هو إباحة زراعة الكلى من حديثي الوفاة ،حيث تتضخم إلى درجة كبيرة قائمة الأعضاء التي تصلح للزراعة ، كل متوفى حديث ممكن أن يهب كليتين ، وكبداً , وبنكرياساً ، وقلباً ، ورئتين على الأقل لإنقاذ سبعة من المرضى الذي ينتظرون هذه الأعضاء للحياة ، كلما كبرت قائمة الواهبين كلما زادت لوجود أعضاء صالحة للغرس.
بالإمكان إنشاء بنك للأعضاء ووضع برنامج محكم لزراعة الأعضاء ، بحيث يصل من يستحق على العضو المناسب وليس من يدفع أكثر ، ويحكم هذا البرنامج كمبيوتر تسجل فيه جميع بيانات المنتظرين ويختار الكمبيوتر المريض المناسب عندما تتاح فرصة وجود عضو من ميت قابل للزراعة .
زراعة الأعضاء من الأحياء ، الذي بدأ في العالم العربي في أواخر القرن الماضي شابته كثير من المخالفات الأخلاقية ، أهما أن يحضر الأثرياء ويدفعون ثمن الكلية التي تشترونها من أحد الشباب المعدمين وظهرت طائفة من "المافيا" بين الواهبين ويساعدهم في هذا بعض المسئولين عن معامل تصنيف الأنسجة يستنزف الواهب المريض المنتظر وأهله بالنقود المدفوعة إليه والهدايا المقدمة له (والتي يصر على طلبها بنفسه) وبالمساعدات المادية وغيرها ، وبعد ثبات توافق أنسجته مع المتلقي ، يهرب ويختفي وأحياناً في الموعد المحدد لإجراء عملية الزراعة .
مع صدور التشريعات اللازمة لإباحة زراعة الأعضاء من حديثي الوفاة فالواجب التعريف الدقيق لمعنى الوفاة ؛ حتى لا تنتزع أعضاء من شخص مازال حياً ، وقد اتفق العلماء والمشرعون أن الوفاة تعني وفاة الدماغ ، بينما القلب والرئتان مازالت تدب فيها الحياة ، أنسب المرضى من حديثي الوفاة الذي تصلح أعضاؤه للزراعة ، هو شاب أو شابة أصيب في حادث ونقل إلى الرعاية المركزة بالمستشفى ، وتم توصيله بالأجهزة الطبية المختلفة التي تعمل على بقاء القلب ، ينبض وعلى التنفس الصناعي ، ولكن تمت وفاة الدماغ وصار رسم المخ عديم الذبذبات الكهربية تماماً ، يلي هذا المريض ، المصاب بنزف أو جلطة بالدماغ أو سرطان بالدماغ وتقف دماغه تماماً عن العمل بينما قلبه وباقي أجهزته مازالت حية , في الحال يستدعي الفريق المعد سلفاً لانتزاع العضو (أو الأعضاء) من الجسم وتتم عملية زراعة العضو في المريض المعروف سلفاً والذي تم إدخاله المستشفى لهذا الغرض ، ولنجاح هذا البرنامج ينبغي أن تكون طرق المواصلات يسيرة وسريعة وينقل المرضى بالسيارات أو الطائرات من أي مكان في بأسرع وقت ممكن ، يتم تخزين العضو الذي تم نزعه مبرداً بغاية الحرص للحفاظ على سلامة أنسجته حتى يتم الزراعة .
أهم مضاعفات عملية زراعة الكلى هو طرد الكلية المغروسة وأنواع الطرد أربعة : 1ـ الطرد فوق الحد ويحدث بعد دقائق من الزراعة ، وسببه عادة عدم توافق الأنسجة 2ـ الطرد المتسارع ويحدث بعد ساعات حيث تموت الكلية المزروعة بعد 24ـ48 ساعة من غرسها 3ـ الطرد الحاد ويحدث بعد أيام من عملية الغرس ، وهذا النوع من الطرد يمكن علاجه ومنعه وتعود الكلية المزروعة إلى استئناف وظائفها 4ـ الطرد المزمن والذي يحدث بعد شهور أو سنوات قليلة
ثم يأتي تنكرز الكلى المغروسة وقد حدث هذا في حوالي 10% من حالات الزراعة في بعض المراكز وسببه التلكؤ في عملية الغرس وعدم إتمامه بسرعة (20دقيقة على أكثر تقدير) أو عدم حفظ الكلى حية قبل زراعتها بعد انتزاعها من الواهب.
ومن أخطر المضاعفات التي تحدث هي المضاعفات في المسالك البولية مثل تسرب البول من الحالب أو من المثانة أو من كئوس حوض الكلى أو انسداد الحالب ، كما قد يحدث النزف المستمر ، إذا حدثت إحدى هذه المضاعفات فإن التدخل الجراحي السريع يكون لازماً ,إلا توفي المريض أو فسدت الكلية المغروسة.
وقد تحدث المضاعفات في وصلة الشريان(انسدادها أو ضيقها) أو وصلة الوريد (انسدادها بتجلط الدم).
بعد إتمام عملية زراعة الكلى ونجاحها يتم إفراز البول في الحال وتنخفض بولينة الدم وينخفض الكرياتيني ويعود التوازن لأملاح الدم ، وبعد أسابيع قليلة يشفى المريض تماماً ويعود لحالته الطبيعية قبل أن تمرض كليتاه وتفشلا ، نسبة نجاح عملية الزراعة تختلف من مركز لآخر ، ولكنها تتحسن في نفس المركز باكتسابه مزيداً من الخبرة ، وصل نجاح العملية في المراكز جيدة التدريب عند زراعة الكلى مأخوذة من متبرع حي إلى 70ـ80% من الحالات وعندئذ أخذ كلية من شخص حديث الوفاة إلى 50ـ60% من الحالات ، وفي الإمكان عند فشل إيقاف محاولة طرد الكلى المزروعة من الجسم إعادة العملية مرة ثانية وثالثة مع توقع مزيد من النجاح في كل محاولة ، ولكن إذا فشلت تماماً عملية الزراعة فعلى المريض أن يعاود استصفاء الدم بالديلزة وهذا أضعف الإيمان.