محمد صادق صبور

محمد صادق صبور الرئيس السابق لأقسام الباطنة في كلية طب عين شمس. أرسي نظم تطوير التعليم الطبي في مصر. وأسس أول بنك آلى للأسئلة متعددة الإجابات لكافة تخصصات الطب في السبعينات، وأرسى نظام التعليم الطبي المتواصل لتأهيل الإجباري المتواصل للأطباء. كان تخصصه الدقيق هو أمراض الكلى.
و قد ساهم في إنشاء الجمعية العربية لمضادات الحيوية ومكافحة العدوى وأيضا في إنشاء قسم طب المسنين في جامعة عين شمس.
كان والده صادق صبور أول سفير لمصر لدى الهند اثر استقلالها عام 1949. وأخوه حسين صبور من كبار مهندسي مصر.
عام 2004 أصيب بجلطة أجبرته على التقاعد حتى وفاته.
كرمته الدولة المصرية في يوم الطبيب المصري الثامن والعشرين عام 2006.

موه الكلية

ينشأ موه الكلية(Hydronephrosis) من أي مرض بالمسالك البولية بسبب انسدادها ،
قد يحدث الموه على ناحية واحدة نتيجة انسداد حالب واحد (بحصوة أو ضيق الحالب) أو انسداد خلقي عند موضع اتصال حوض الكلى بالحالب ، وقد يحدث موه الكلية في الناحتين لانسداد في الحالبين (بحصوة أو ضيق بالحالبين) أو انسداد عنق المثانة أو تضخم البروستاتا أو ضيق قناة مجرى البول (من بلهارسيا سابقة أو سيلان) قد يحدث الانسداد عند اتصال حوض الكلية بالحالب نتيجة وجود شريان زائغ إضافي يمر من الأورطي إلى الكلية وقد ينسد الحالبان من سرطان منتشر من عنق الرحم أو سرطان بالمثانة.
علاج موه الكلى هو علاج السبب الذي نشأ عنه الموه ، وهو علاج جراحي في كل الأحوال.

أورام الكلى

تصيب الكلى أورام حميدة أو خبيثة ، والأورام الخبيثة قد تكون أولية تنشأ من أنسجة الكلى ، أو ثانوية انتقلت من أورام خبيثة أخرى بالجسم أهم هذه الأورام هو سرطان الكلية .
سرطان الكلية(Kidney cancer )
يصيب سرطان الكلية 4 أشخاص من كل مائة ألف مواطن كل سنة ويعادل حوالي 1.5% من
جميع أنواع السرطانات ، يصيب السرطان الكلوي الأشخاص فوق سن العشرين ونسبته أكثر في الرجال عند النساء ، ويشكل سرطان الكلية 85% من جميع الأورام الخبيثة الأولية التي تصيب الكلى بموت المرضى بسرطان الكلى خلال عامين من تشخيص المرض بغض النظر عما إذا كانت الكلية قد تم استئصالها أم لم يتم ، ينتشر سرطان الكلية بسرعة بالانتقال المباشر إلى الأنسجة المجاورة أو عن طريق الدم إلى الرئتين وباقي أعضاء الجسم ، أهم أعراض سرطان الكلية هو البول المدمي ، وتضخم الكلية لتصبح محسوسة بجس البطن ،والألم ، ويمكن تأكيد التشخيص بالفحوص الإشعاعية المختلفة.
يعالج سرطان الكلية باستئصالها جراحياً ، ولكن هذا لن يكون مجدياً إذا كان السرطان قد انتقل إلى خارج الكلية ،ويحدث هذا مبكراً ، في تاريخ حياة المرض ، يوصي بعض الجراحين بأن يتبع الاستئصال الجراحي العلاج الإشعاعي أو الكيماوي أو المناعي ولكن لم تثبت حتى الآن جدوى هذه الأنواع من العلاج .
سرطان حوض الكلى
يشكل سرطان حوض الكلية أقل من 10% من الأورام الخبيثة الأولية التي تصيب الكلى ، وأعراضه مثل أعراض سرطان المثانة ، هي البول المدمي وأحياناً المغص الكلوي ، يتم التشخيص بالفحوص الإشعاعية وبفحص البول للخلايا السرطانية ، ينتشر سرطان حوض الكلى إلى المثانة ، العلاج هو استئصال الكلية والحالب معاً جراحياً مع استئصال جزء من المثانة ، ارتداد الورم الخبيث في باقي الجهاز البولي يحدث كثيراً بعد الاستئصال.
ورم ويلم(Nephroblastoma)
هو ورم كلوي جنيني يصيب الأطفال ، وأعراضه تضخم محسوس ببطن الطفل وبول مدمي وارتفاع بدرجة الحرارة وارتفاع بضغط الدم ، والعلاج هو الاستئصال الجراحي للكلية المصابة ، وقد يتم إنقاذ المريض إذا أعقب الاستئصال الجراحي العلاج الكيماوي.
أورام الكلى الخبيثة الثانوية
تصيب الكلى أورام ثانوية كثيرة من سرطان الرئة و اللمفوما ومرض هود جكن وغيرها.

الكلى متعدد الكيسات(تكيس الكلى)

أكثر أنواع مرض الكلى متعدد الكيسات(Polycystic kidney disease) هو النوع الذي يصيب البالغين ويظهر حوالي سن الأربعين أو الخمسين ، تظهر أكياس متعددة مختلفة الحجم في كافة أنحاء الكلية هذا المرض وراثي ، يرثه الأبناء عن الآباء ، ولكنه يحدث أحياناً بدون وجود عامل وراثي ظاهر .
أعراض المرض هي البول المدمي ، وكبر حجم الكليتين بحيث تصيران محسوستين عند جس البطن ، وارتفاع ضغط الدم ، تتكون الحصوات كثيراً في هذا المرض وتكثر فيه الالتهابات الميكروبية بالكلى ، قد يصاحبه أحياناً تعدد الكيسات بالكبد ، وفي هذه الحالة يكون الكبد متضخماً ومحسوساً بجس البطن ، إصابة الكبد ليس لها أعراض أخرى ولا تؤدي إلى الفشل الكلوي ، بينما يؤدي مرض الكليتين تدريجاً إلى حدوث الفشل الكلوي المزمن فترتفع بولينة الدم والكرياتينين وتحدث حموضة متزايدة بالجسم.
يشخص هذا المرض بالفحوص الإشعاعية وخاصة بالفحص بالموجات فوق الصوت ، يؤدي هذا المرض إلى الوفاة بالفشل الكلوي أو بإحدى مضاعفات ضغط الدم المرتفع(مثل النزف بالدماغ أو تحت العنكبوتية) وقد تأكد أن العلاج الدقيق لضغط الدم المرتفع يقي المريض من المضاعفات ويؤخر تقدم المريض إلى مرحلة الفشل الكلوي.
علاج حالة الفشل الكلوي المزمن هو الديلزة مع استئصال الكليتين(الذي يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم وعودته إلى المستوى الطبيعي) إلى أن يتم زراعة الكلى فيعود المريض تماماً إلى حالته الطبيعية.

زراعة الكلى (2)

تختلف أعضاء الجسم المختلفة في شدة المستضادات على خلاياه ، فهي أقوى ما تكون على الطحال والكبد والأنسجة اللمفاوية ، وهي متوسطة الشدة على الكلى والرئة و الكظر والقناة الهضمية ، وهي ضعيفة على القلب والعضلات والدماغ ، تتعرف الخلايا اللمفاوية الصغيرة في جسم المستقبل على هذه المستضادات وتستجيب لها مناعياً بتكوين أضداد لها يؤدي إلى عملية طرد العضو المزروع في الجسم.
يمكن تثبيط الاستجابة المناعية للعضو المزروع فيه بإحدى الوسائل الآتية:
ـــ إعطاء المستقبل كمية كبيرة من الستيرويدات الكوريتكية.
ـــ تناول المستقبل جلوبيولين ضد الخلايا اللمفاوية.
ـــ تعاطي جلوبيولين ضد الخلايا اللمفاوية.
ـــ ربط القناة الصدرية جراحياً أو تحويل السائل اللمفي بها.
ـــ استئصال الغدة التيموسية.
ـــ تعريض الجسم بأكمله للإشعاع.
كان الأطباء قديماً يعالجون المستقبل بالستيرويدات الكورتيكية والإميوران لمنع الجسم من طرد الكلى المزروعة ، ولكنهم اتجهوا الآن إلى علاج المرضى بالسيكلورسبورين الأقل ضرراً والأكثر فاعلية في تثبيط مناعة الطرد ، وتستخدم إحدى الوسائل الأخرى (أو كلها) إذا بدأت عملية الطرد فعلاً لمحاولة إيقاف العملية .
كيف تختار الكلية من الواهب لزراعتها في المريض الذي يحتاجها؟
في حالة زراعة الكلى بين الأحياء فإن الكلية المثلى هي كلية مت توأم مثيل ، ثم تأتي الكلية من أحد أقرباء الصف الأول (الوالد أو الوالدة أو الابن أو البنت) ثم من أحد أقرباء الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة ، لأنه كلما كانت القرابة وثيقة كلما كان احتمال توافق الأنسجة كبيراً ، وتنتقي كلية القريب الذي تتقارب فيه أنسجة الجسم مع أنسجة المريض المستقبل ، ثم تأتي الكلية من متبرع غريب عن المريض إذا توافقت أنسجته مع أنسجة المستقبل لدرجة كبيرة.
ولكن الحل الأمثل هو إباحة زراعة الكلى من حديثي الوفاة ،حيث تتضخم إلى درجة كبيرة قائمة الأعضاء التي تصلح للزراعة ، كل متوفى حديث ممكن أن يهب كليتين ، وكبداً , وبنكرياساً ، وقلباً ، ورئتين على الأقل لإنقاذ سبعة من المرضى الذي ينتظرون هذه الأعضاء للحياة ، كلما كبرت قائمة الواهبين كلما زادت لوجود أعضاء صالحة للغرس.
بالإمكان إنشاء بنك للأعضاء ووضع برنامج محكم لزراعة الأعضاء ، بحيث يصل من يستحق على العضو المناسب وليس من يدفع أكثر ، ويحكم هذا البرنامج كمبيوتر تسجل فيه جميع بيانات المنتظرين ويختار الكمبيوتر المريض المناسب عندما تتاح فرصة وجود عضو من ميت قابل للزراعة .
زراعة الأعضاء من الأحياء ، الذي بدأ في العالم العربي في أواخر القرن الماضي شابته كثير من المخالفات الأخلاقية ، أهما أن يحضر الأثرياء ويدفعون ثمن الكلية التي تشترونها من أحد الشباب المعدمين وظهرت طائفة من "المافيا" بين الواهبين ويساعدهم في هذا بعض المسئولين عن معامل تصنيف الأنسجة يستنزف الواهب المريض المنتظر وأهله بالنقود المدفوعة إليه والهدايا المقدمة له (والتي يصر على طلبها بنفسه) وبالمساعدات المادية وغيرها ، وبعد ثبات توافق أنسجته مع المتلقي ، يهرب ويختفي وأحياناً في الموعد المحدد لإجراء عملية الزراعة .
مع صدور التشريعات اللازمة لإباحة زراعة الأعضاء من حديثي الوفاة فالواجب التعريف الدقيق لمعنى الوفاة ؛ حتى لا تنتزع أعضاء من شخص مازال حياً ، وقد اتفق العلماء والمشرعون أن الوفاة تعني وفاة الدماغ ، بينما القلب والرئتان مازالت تدب فيها الحياة ، أنسب المرضى من حديثي الوفاة الذي تصلح أعضاؤه للزراعة ، هو شاب أو شابة أصيب في حادث ونقل إلى الرعاية المركزة بالمستشفى ، وتم توصيله بالأجهزة الطبية المختلفة التي تعمل على بقاء القلب ، ينبض وعلى التنفس الصناعي ، ولكن تمت وفاة الدماغ وصار رسم المخ عديم الذبذبات الكهربية تماماً ، يلي هذا المريض ، المصاب بنزف أو جلطة بالدماغ أو سرطان بالدماغ وتقف دماغه تماماً عن العمل بينما قلبه وباقي أجهزته مازالت حية , في الحال يستدعي الفريق المعد سلفاً لانتزاع العضو (أو الأعضاء) من الجسم وتتم عملية زراعة العضو في المريض المعروف سلفاً والذي تم إدخاله المستشفى لهذا الغرض ، ولنجاح هذا البرنامج ينبغي أن تكون طرق المواصلات يسيرة وسريعة وينقل المرضى بالسيارات أو الطائرات من أي مكان في بأسرع وقت ممكن ، يتم تخزين العضو الذي تم نزعه مبرداً بغاية الحرص للحفاظ على سلامة أنسجته حتى يتم الزراعة .
أهم مضاعفات عملية زراعة الكلى هو طرد الكلية المغروسة وأنواع الطرد أربعة : 1ـ الطرد فوق الحد ويحدث بعد دقائق من الزراعة ، وسببه عادة عدم توافق الأنسجة 2ـ الطرد المتسارع ويحدث بعد ساعات حيث تموت الكلية المزروعة بعد 24ـ48 ساعة من غرسها 3ـ الطرد الحاد ويحدث بعد أيام من عملية الغرس ، وهذا النوع من الطرد يمكن علاجه ومنعه وتعود الكلية المزروعة إلى استئناف وظائفها 4ـ الطرد المزمن والذي يحدث بعد شهور أو سنوات قليلة
ثم يأتي تنكرز الكلى المغروسة وقد حدث هذا في حوالي 10% من حالات الزراعة في بعض المراكز وسببه التلكؤ في عملية الغرس وعدم إتمامه بسرعة (20دقيقة على أكثر تقدير) أو عدم حفظ الكلى حية قبل زراعتها بعد انتزاعها من الواهب.
ومن أخطر المضاعفات التي تحدث هي المضاعفات في المسالك البولية مثل تسرب البول من الحالب أو من المثانة أو من كئوس حوض الكلى أو انسداد الحالب ، كما قد يحدث النزف المستمر ، إذا حدثت إحدى هذه المضاعفات فإن التدخل الجراحي السريع يكون لازماً ,إلا توفي المريض أو فسدت الكلية المغروسة.
وقد تحدث المضاعفات في وصلة الشريان(انسدادها أو ضيقها) أو وصلة الوريد (انسدادها بتجلط الدم).
بعد إتمام عملية زراعة الكلى ونجاحها يتم إفراز البول في الحال وتنخفض بولينة الدم وينخفض الكرياتيني ويعود التوازن لأملاح الدم ، وبعد أسابيع قليلة يشفى المريض تماماً ويعود لحالته الطبيعية قبل أن تمرض كليتاه وتفشلا ، نسبة نجاح عملية الزراعة تختلف من مركز لآخر ، ولكنها تتحسن في نفس المركز باكتسابه مزيداً من الخبرة ، وصل نجاح العملية في المراكز جيدة التدريب عند زراعة الكلى مأخوذة من متبرع حي إلى 70ـ80% من الحالات وعندئذ أخذ كلية من شخص حديث الوفاة إلى 50ـ60% من الحالات ، وفي الإمكان عند فشل إيقاف محاولة طرد الكلى المزروعة من الجسم إعادة العملية مرة ثانية وثالثة مع توقع مزيد من النجاح في كل محاولة ، ولكن إذا فشلت تماماً عملية الزراعة فعلى المريض أن يعاود استصفاء الدم بالديلزة وهذا أضعف الإيمان.

زراعة الكلى (1)

تجري عملية زراعة الكلى للمريض الذي وصل إلى المرحلة النهائية من الفشل الكلوي الذي أصبح لا يستجيب للعلاج التحفظي لهذا المرض ويفضل ألا يكون مصاباً بمرض في المسالك البولية يعوق خروج البول ، خالياً من الأمراض الخطيرة بالجهاز العصبي أو بالجهاز الدوري ، ويشترط فيه أن يكون من نفس فصيلة الدم للمتبرع بالكلية وخالياً من الأضداد الموجهة إلى كلية المتطوع وخالياً من الخمج وغير مصاب بالسرطان ، وبهذا يصير حوالي 95% من المرضى صالحين لتقبل كلية من المعطي.
حقيقة عملية الغرس أكثر نجاحاً بين سن 15ـ 45 سنة إلا أنه لا يوجد عمر يمنع من زراعة الكلى وقد شهد العالم كله آلاف الأطفال تحت سن السادسة عشرة الذين تمت عملية لزراعة الكلى لهم بنجاح ، كما شهد العالم كثيراً من المرضى فوق سن السبعين الذين مازالوا بكلية مزروعة من شخص أجنبي.
يستحسن التقييم الكامل لمستقبل الكلية قبل أن تصبح الديلزة ضرورية ، خاصة مرضى الداء السكري الذين يستحسن أن تجرى لهم عملية زراعة قبل أن تحدث لهم تغيرات بشبكية العين وقبل أن يصيبهم عجز من التهاب الأعصاب الطرفية ، وفيهم يوصى بإجراء عملية الزراعة إذا ارتفعت نسبة الكرياتينين إلى 6مجم/ديسيلتر ، بينما ينصح بقية مرضى الفشل الكلوي بإجراء العملية متى وصلت نسبة الكرياتينين إلى 12مجم ، ويستحسن أيضاً التعجيل بزراعة الكلىـــ في الأطفال ليتمكنوا من استكمال نموهم الطبيعي .
وينقسم تقييم مستقبلي الكلية إلى :
ـــ التقييم العام ويشمل بجانب الفحص إجراء أشعة للصدر وعمل رسم كهربيالأنسجة،قدير كمية الجلوكوز بالدم في حالة الصيام.
ـــ تقييم حالة الدم
ـــ تقييم الجهاز المناعي 
ـــ تقييم حالة الكلى وتشمل بجانب التحليلات المعملية المختلفة تصوير الجهاز البولي بالأشعة العادية وبالموجات فوق الصوتية.
ـــ تقييم حالة العظم
ـــ تقييم مضاعفات ضغط الدم المرتفع على أعضاء الجسم المختلفة مع فحص قاع العين.
ـــ تقييم حالة الجهاز البولي
ـــ التأكد من عدم وجود قرحة حمضية
ـــ التأكد من عدم إصابة المريض بمرض معدٍ مثل الدرن.
ـــ ثم تعمل الفحوص المناسبة لتوافق الأنسجة وتشمل فصيلة الدم وفصيلة الأنسجة ، تقدير وجود أجسام مضادة ، دراسة شجرة العائلة.
ـــ دراسة فصائل الأنسجةالأطفال،ذه الفحوص فقد وجد أن عملية طرد الجسم للكلية المزروعة يتناسب مع مقدار الاختلاف الجيني (الوراثي) بين الواهب والمستقبل ، إذا تم زراعة الكلى بين توأمين مثيلين كان نجاح الزراعة أكيداً ؛ لأن أنسجتهما واحدة ، إذا تم توصيل الأوعية الدموية بسرعة ونجاح أما إذا تم زراعة الكلى من شخص أجنبي أو من قريب للمستقبل وليس من أخي الشقيق المثيل تبدأ عملية الطرد بعد أيام (أو ساعات) فتبدأ عملية التهاب مناعي على شكل تجمع سريع لكرات الدم البيضاء يؤدي في النهاية إلى تنكرز الكلية المزروعة وموتها في خلال عشرة أيام ، ترجع عملية الطرد هذه التي تؤدي إلى موت الكلية المزروعة لأن الجهاز المناعي للمستقبل يتعرف أن الجسم الذي تم زراعته جسم غريب عنه ، ذو مستضدات على خلاياه تثير جهاز المناعي فيكون أضداداً لها ويقال في هذه الحالة "عدم وجود توافق بين أنسجة الواهب وأنسجة المستقبل".

الكلية الصناعية

هي جهاز خارج الجسم يوصل بالدورة الدموية للمريض ويمرر فيه الدم ليقوم بعمل توازن لأملاح الدم والمواد الذائبة في الماء ويعيدها إلى مستواها الأصلي الطبيعي ، ومزود بآلية تسمح بالترشيح المستدق لخروج الماء من الجسم ، أهم مكونات دورة سائل الغسيل هي وحدة تجعله متناسباً على الدوام في تركيزه ودرجة حرارته مع وجود مقياس دقيق لسرعة مرور السائل وضغطه وتركيزه وآلية لوقف مرور السائل إذا اختلت أي من هذه المقاييس ، الجزء الأساسي في جهاز الكلية الصناعية هي المرشح الذي ينبغي حساب قدرته الترشيحية بدقة قبل الاستعمال ، يمرر الدم من جسم المريض بخروجه من شريان يوصل بالمرشح ويعود إلى المريض في وريد بعد ترشيحه ويدفع الدم داخل المرشح مضخة الدم.
بدأ كولف وبرك (عالمان أمريكيان كانا يعملان مع الجيش) استخدام استصفاء الدم في عام 1942 في الإنسان في هولندا وبدأ ألفال (عالم سويدي) في استخدامه في السويد في عام 1947 ومن ثم انتشر استخدام الكلية الصناعية في جميع أنحاء العالم ، كان استصفاء الدم يستخدم أساساً في إنقاذ حياة المرضى المصابين بالفشل الكلوي الحاد ، وظل استخدام هذه الطريقة في هذا المرض فحسب حتى عام 1960 عندما ابتكر سكريبنر (طبيب أمريكي) أنبوبة تفلون يتم تركيبها بين شريان ووريد في الساعد ويمكن استعمالها بوصلها بجهاز الكلية الصناعية مئات المرات ، ثم ابتكر سيمينو(جراح أمريكي) عملية يوصل بها شريان في الساعد مع وريد وبعد مدة حوالي ثلاثة أسابيع تتضخم أوردة الساعد لدرجة تسمح باختراقها بالإبرة التي تنقل الدم إلي جهاز الكلية الصناعية وإبرة أخرى توضع في الوريد تسمح بعودة الدم من جهاز الكلية الصناعية ، وهكذا يمكن استعمال الوصلة الشريانية الوريدية لديلزة الدم لآلاف المرات ، وبهذا أمكن استخدام طريقة الديلزة لعلاج الفشل الكلوي المزمن.
بدأ استخدام الديلزة على نطاق ضيق للغاية ـ بعد التمكن من الدخول إلى الدورة الدموية ـ لحوالي عشر سنين من سنة 1960ـ 1969 ولما تبين العالم فاعلية هذه الطريقة الأكيدة في إنقاذ مرضى الفشل الكلوي المزمن من الوفاة واستعادتهم لنشاطهم وحيويتهم وتمكنهم من العودة إلى عملهم بعد أن أصبحوا أعضاء عاملين في المجتمع ـ اشتد الاهتمام بهذه الطريقة الجديدة في جميع أنحاء العالم ودخلت تقنية مستحدثة في عالم الطب ـ وهو علاج مرضى الفشل الكلوي بالديلزة بالكلية الصناعية .
يتم استصفاء الدم من المريض لمدة 12 ساعة أسبوعياً (6ساعات مرتين في الأسبوع والأفضل 4 ساعات ثلاث مرات في الأسبوع) وبهذه الطريقة يظل على قيد الحياة لسنوات طوال وتختفي أعراض الفشل الكلوي جميعها تقريباً ، العيب الأساسي في طريقة العلاج هذه هو ارتفاع تكلفتها بحيث لا يطيقه إلا عدد محدود من المرضى ، وإذا لم تتحمل الدولة أو شركات التأمين كافة أو جزء من تكاليف العلاج لن يقدر عليه أحد ، عمدت الهيئات والحكومات المختلفة إلا القليل منها في بادئ الأمر إلى انتقاء المرضى الذين يعالجون بالديلزة لارتفاع تكلفتها ، ولكن نظراً للضغط الشعبي الكبير ومطالبة الجماهير باستمرار لوجوب إتاحة هذا النوع من العلاج ، انتشر في جميع أنحاء العالم.
بدأت الديلزة أول ما بدأت في مصر في مستشفى عين شمس الجامعي ثم في مستشفى أحمد ماهر في القصر العيني وهي في زيادة مستمرة وإن وضعت على بعض الوحدات بعض الملاحظات.

مريض الفشل الكلوي المزمن يحتاج إلى :
ـــ العلاج التحفظي قبل مرحلة الديلزة
ـــ الديلزة في المستشفى ثم في وحدات ملحقة بالمستشفيات لمدة ثلاثة شهور حتى تستقر حالتهالصناعية. ينتقل إلى الديلزة في المنزل باقي العمر مع إشراف وحدات الكلى الصناعية بالمستشفيات على الديلزة المنزلية للنصح في حالة حدوث أي متاعب .
ـــ زراعة الكلى.
أهم عيوب نظام الديلزة الحالي هو :
ـــ عدم تغطية جميع أنحاء الدولة بالتساوي والعدل فبينما تتركز الوحدات في بعض المناطق هناك أماكن أخرى تفتقر إلى وحدات الكلى الصناعية .
ـــ السماح لبعض الوحدات بالقإلى:الديلزة بدون تدريب كاف أو علم كاف يمكنهم من علاج المرضى بصورة مقبولة بحجة أنهم أحرار في القيام بأي خدمة طبية يرون أنها لازمة.
هناك أربعة مظاهر للفشل الكلوي المزمن لا تتحسن تماماً بالديلزة
ـــ فقر الدم الشديد
ـــ مرض العظم
ـــ التهاب الأعصاب الطرفية
ـــ ضغط الدم المرتفع في بعض الأحيان
يحتاج المريض بفقر الدم إلى نقل كميات من الدم كل حين وآخر مع ما يحمله نقل الدم من مضاعفات أو إلى العلاج بحقن ايثروبويتين وهذه تضيف على المريض تكاليف زائدة عن الحد ، مرض العظم يحتاج في معظم الأحيان إلى تعاطي المريض فيتامين د المعدل وهو أيضا مرتفع الثمن (لبعض الأشخاص) وباقي المظاهر ليس لها علاج محدد ، ترجع هذه المظاهر في الأغلب إلى عدم كفاءة الغسيل ، وفي هذه الأحوال يلزم إجراء الديلزة 3 مرات في الأسبوع على الأقل وزيادة مدة الديلزة ،واستعمال أجهزة ديلزة كفاءة عالية ، وعلى أي الأحوال تتحسن هذه المظاهر بل وتشفي تماماً إذا تم زراعة كلية مناسبة لمريض الفشل الكلوي .
وتكفي الإشارة في هذا الصدد أنه حتى عام 1960 كانت الوفاة محتمة على المريض بالفشل الكلوي المزمن (كانت نسبة الوفاة 100%) ولكن بعد استحداث الديلزة ، ومساهمة الحكومة بتكاليفها الباهظة ، صار المرضى يعيشون عشر سنوات إضافية في صحة ويحيون حياة مقبولة ، ولكن المستقبل الحقيقي لهؤلاء المرضى المساكين سيتوقف على ما إذا كانت الحكومة ستسمح بزراعة الكلى من المرضى المتوفين حديثاً فيهم كما هو حادث في كثير من بلاد العالم ويستمر النزف لميزانية الدولة إلا إذا انخفض سعر الديلزة وزادت كفاءته حتى يصير كالأنسولين لمريض السكر!!!!!! ...ففي مصر تم مؤخراً تشريع قانون التبرع بالأعضاء وعلينا أن نرى مدى فاعليته.

الغسيل البريتوني

باستخدام القساطر الخاصة الحديثة كاملة التعقيم التي أعدت خصيصاً لعملية الغسيل البريتوني ، أمكن التغلب على الخمج (الالتهاب الميكروبي) الذي كان كثيراً ما يحدث في الزمن السابق ، وبتحضير زجاجات كاملة التعقيم وخالية من المحمات (المواد التي ترفع درجة الحرارة وتسبب الحمى) لسائل الغسيل في المصانع ، أمكن تيسير عملية الغسيل البريتوني في المستشفيات ، تتم العلمية بملء البطن كل ساعتين بلترين من سائل الغسيل ثم يتم تفريغ البطن من هذا السائل ، وتعاد هذه العملية حتى يتم إدخال وتفريغ من 40ـ 90 لتراً (حسب حالة المريض) على مدى 20ـ45 ساعة .
سهولة إجراء هذه العملية وسهولة تدريب الأطباء والممرضات والعاملين على إجرائها سهل كثيراً استخدامها في المستشفيات العامة التي لا توجد بها وحدات خاصة للكلى الصناعية لعلاج الفشل الكلوي الحاد ، أو لإزالة سموم فاعلة للنفاذ من الجسم ، أو لعلاج بعض حالات الفشل الكلوي المزمن الشديد التي لا تحتمل التأخير حتى يحول المريض إلى وحدة الكلى الصناعية المناسبة أو حتى تعمل الوصلة الشريانية الوريدية التي أجراها الجراح وتصير صالحة للاستخدام بعد أسبوعين لثلاثة من إجرائها.
ولكن عملية الغسيل البريتوني لها عيوب تحد من استخدامها :
1ـ التهاب بريتوني سيحدث إن علاجاً أو آجلاً مهما تأكد الأطباء والممرضات والعاملون من تمام التعقيم لكافة الآلات المستخدمة والسوائل المستعملة في هذا العملية ومهما أضيفت مضادات حيوية مناسبة إلى سائل الغسيل ، يحدث الالتهاب البريتوني بعد مدة قصيرة (بعد عشر غسلات في بعض الوحدات ) أو بعد مدة طويلة (50غسلة في وحدات أخرى) ولكنه سوف يحدث حتماً ، معظم حالات الالتهاب البريتوني يتسبب من ميكروبات غير ضارية وتسبب التهاب بسيطاً ، وضرره الأكبر أنه سيسبب ارتشاحات فبرينية بالغشاء البريتوني ، تسبب الالتصاقات وبهذا يقل حجم تجويف البطن الصالح للديلزة تدريجياً حتى يمتنع .
2ـ يشعر المريض بآلام بالبطن من امتلائها المتكرر بسائل الغسيل أثناء وبعد الغسيل البريتوني وقد يكون هذا الألم من الشدة بحيث توقف العملية قبل أوانها.
3ـ الفقد الدائم لكمية من البروتين بعد كل غسلة وهذه مشكلة خاصة في المرضى الضعفاء ذوي الأوزان المنخفضة ، ذوي الشهية السيئة الذين لا يتناولون غذاء كافياً .
4ـ سعر الغسيل البريتوني أكثر ارتفاعاً من سعر الديلزة بالكلية الصناعية ، نظراً لارتفاع سعر المحاليل المستخدمة.
ولكن الغسيل البريتوني له بعض الفوائد ، سهولة إجرائه ـ لدرجة أن بعض المرضى يتعلمون الطريقة ويغسلون أنفسهم بالمنازل بمساعدة أقربائهم ـ لا يفقد المريض أي كمية من الدم في الغسيل البريتوني ، ويشعر المريض بقدر من الحرية أكبر مما يشعر به مرضى الكلى الصناعية ، خاصة وأنه بالإمكان إجراء الغسيل بعد الظهر وأثناء الليل والمريض نائم ، قد يكون الغسيل البريتوني أكثر يسراً في الأطفال الصغار وفي المسنين ، لمرضى القلب الذي تحدث لهم مشاكل في الديلزة بالكلية الصناعية ، وفي المرضى الذين لم تعمل وصلة شريانية وريدية لهم ، وفي المريض الذي يرفض بتاتاً نقل الدم إليه إذا احتاجه.
الغسيل البريتوني المتقطع المستمر
يزاول بعض الأطباء الغسيل البريتوني المتقطع المستمر لبعض مرضى الفشل الكلوي المزمن ، وهو أن يعلق المريض بنفسه زجاجات سائل الغسيل حول بطنه ويقوم بتغييرها بنفسه وتستمر عملية الغسيل البريتوني مستمرة طوال الوقت ، فائدة هذه الطريق يسرها الشديد وقلة آلام البطن التي تصاحبها وعيبها أن نسبة حدوث الالتهابات البريتوني تفوق الغسيل البريتوني المعتاد.

الديلزة

لما تبين أن لزمة الفشل الكلوي تنشأن من قلة إفراز الكلى ، حاول العلماء منذ عهد بعيد تعويض هذا النقص بمحاولة إخراج الماء والمواد الذائبة فيه عبر أغشية شبه نفاذة ، وقد استخدموا لبلوغ هذا الهدف أغشية طبيعية وأغشية صناعية ، تستخدم الكلية الصناعية أنابيب أو صفحات من مادة السلوفان شبه المنفذة ويمرر دم المريض على سطح من هذا الغشاء ويمر سائل الغسيل على السطح الآخر ، فتنفذ المواد الذائبة في الماء عبر الغشاء من السائل الأكثر تركيزاً إلى السائل الأقل تركيزاً ، ثم يستغنى عن سائل الغسيل بعد أن يكون الدم قد توازن فيعاد إلى المريض ، نفاذ أي مادة يعتمد على تركيز المادة وعلى اتجاه مدرج (تنقل من التركيز العالي إلى التركيز المنخفض) النفاذ ، وسرعة النفاذ تعتمد على الفرق بين تركيز مادة معينة في الدم وفي سائل الغسيل ، بهذه الطريقة مثلاً يمكن أن نتخلص من بوتاسيوم الدم المرتفع إذا أغلقنا وضع البوتاسيوم في سائل الغسيل وفي نفس الوقت يمكن أن ينفذ الصوديوم من سائل الغسيل إلى الدم إذا كانت نسبته أكثر ارتفاعاً في سائل الغسيل ، وإذا ارتفع ضغط الدم عن ضغط سائل الغسيل فبالإمكان التخلص من بعض الماء المختزن بالجسم ، وتسمى هذه العملية الأخيرة "الترشيح المستدق" ، وبالإمكان تخليص الجسم من حوالي 4ـ5 كيلوجرامات من الماء في جلسة الغسيل الواحدة.
يستخدم تجويف البطن لنفس هذا الغرض الذي يستخدم فيه أغشية السلوفان الصناعية في أجهزة الكلى الصناعية ، حيث يقوم الغشاء البريتوني (الطبيعي) بعملية النفاذ وتبادل الأملاح والماء بين دم المريض وبين سائل الغسيل البريتوني الذي يمرر خلال أنابيب بلاستيكية إلى تجويف البطن ، ويعاد تفريغه بعد إتمام عملية التبادل والتوازن بين سائل الغسيل وبين دم المريض ، وبتغير تركيز سائل الغسيل البريتوني يمكنه أيضاً القيام بعملية الترشيح المستدق.
تسمى عملية إعادة التوازن إلي الدم ـ سواء تمت بالغسيل البريتوني أو بالكلية الصناعية ـ الديلزة ، وتعتبر تقدماً هائلاً في الطب في السنوات الحديثة لإنقاذ المرضى الذين كانوا يموتون بالفشل الكلوي الحاد ، ولإبقاء مرضى الفشل الكلوي المزمن على قيد الحياة يزاولون أعمالهم حتى تتاح لهم فرصة زراعة الكلى ، ولعلاج التسمم الحاد ببعض السموم النفاذة خلال الأغشية (مثل الباربيتيورات و الأمينوجليكوسيدات) ،وغير ذلك من الاستخدامات .

الكلى والسموم (3)

مرض الكلى الناتج عن المضادات الحيوية
عرض هذا المرض حديثاً وتزايدت نسبة حدوثه في عصرنا الحاضر ، خاصة لدى المرضى الذين يعانون أصلاً من بعض أمراض الكلى ،تختلف نسبة حدوث مرض الكلى فيمن يتعاطون المضادات الحيوية من عقار إلى آخر ، ولكنها تكثر خاصة فيمن يعالجون بالأمينوجليكوسيدات خاصة إذا كانت وظيفة الكلى متدهورة منذ البداية ، أو إفراز البول قليلاً كل 24ساعة أو في المرضى المصابين بالجفاف ، والمسنون أكثر عرضة للتأثر بهذه العقاقير من الأطفال.
أهم أنواع الامينوجليكوسيدات التي تعطى حقناً بالجسم هي : ستربتومايسين ، كانامايسين ، جنتامايسين ، توبرامايسين ، أميكاسين ، نتلمايسين وكلها لها تأثيرات سمية على الكلى وعلى أعصاب الأذن المسئولة عن السمع والاتزان ، يستخدم ستربتومايسين أساساً في علاج الدرن ، وقد يحدث إفراز الزلال في البول وظهور الأسطوانات في عدد قد يصل إلى 20% من المرضى ، ويسبب ارتفاعاً في بولينة الدم في عدد قليل من المرضى ، بعد الكشف عن عقاقير قوية وناجعة في علاج الدرن (مثل ريفامبيسين) قلت الحاجلة لاستخدام ستربتومايسين عن ذي قبل ، ولكنها لم تنعدم وعلى الطبيب ملاحظة بدء علامات السمية وإيقاف العقار بمجرد حدوثها.
ربما يكون الكانامايسين أكثر أنواع الامينوجليكوسيدات سمية يليه بالترتيب أميكاسين و جنتامايسين و توبرامايسين وأخيراً نتلمايسين ، ونظراً لتفوق باقي الأصناف عليه في تأثيرها الفعال على الميكروبات قلما يستخدم الآن ، أكثر هذه الأنواع فاعلية هو أميكاسين وهو المضاد الذي ظل فعالاً طوال الثلاثين عاماً الماضية من بدء استخدامه ولم تتحصن البكتريا ضده ـ ولذا سيظل عقاراً مفيداً ولكن ينبغي الحرص في استخدامه ، جنتامايسين أرخصها سعراً وأوسعها انتشاراً وهو عقار فعال ، توبرامايسين أيضا فعال ، أغلى من الجنتامايسين وأقل سمية ، نتلمايسين أقلها سمية ولكنه أيضاً أقلها فاعلية .
العقاقير من هذه المجموعة من أقوى أنواع المضادات الحيوية وهي تقتل البكتريا سريعاً ، خصوصاً البكتريا سالبة الجرام التي تسبب أمراضاً خطيرة ومميتة (مثل الالتهاب البريتوني والتسمم الدموي على سبيل المثال) ولا يستغني الأطباء عن استخدامها ولكن الملاحظ أن كثيراً من الأطباء يسيئون استخدامها ويستعملونها (خاصة جنتامايسين ) في الأمراض البسيطة أو التي لا تجدي فيها (مثل التهاب اللوزتين) ، بينما ينبغي الحرص على تخير استعمالها في الأمراض الخطيرة المتسببة عن البكتريا سالبة الجرام ، وملاحظة ألا تزداد مدة استعمالها عن أسبوع على الأكثر ، وتقدير كميتها في الدم حتى لا يتجاوز المريض النسبة التي تحدث السمية إذا زادت عليها ، وحتى يطمئن الطبيب منه أنه قد حصل على النسبة الفعالة ضد الميكروبات الخطيرة.
هناك مضادات حيوية أخرى لها تأثير سام على الكلى في قليل من الأحيان مثل فانكومايسين ، هذا العقار المرتفع الثمن وأكثر المضادات الحيوية فاعلية على المكورات العنقودية ، ومثل أمفوتيريسين ب مضاد الفطريات القوي ،و اليوليمكسين والكولي مايسين الفعالان ضد ميكروب سودوموناس وغيرها.
نصيحتي ألا يتناول المرضى من أنفسهم مضادات حيوية بل يضعوا المسئولية كاملة على كتفي الطبيب الذي يصف هذه العقاقير الفعالة الشديدة ، ذات التأثير الشافي على كثير من الأمراض الخطيرة ، وذات السمية والتأثيرات الجانبية (التي قد تكون مميتة) في بعض الأحيان ، وعلى الأطباء معرفة دواعي استخدامها بدقة ونواهي استعمالاتها ، والمحاذير الواجب إتباعها عند الاستخدام ، وجرعتها ومدة الاستعمال في المرضى المختلفين،ومتى ينبغي أن يحول المريض للديلزة السريعة إذا حدث تسمم حاد منها.

الكلى والسموم (2)

أول من لفت النظر إلى حدوث التهاب مزمن في النسيج البيني و تنكرز حلمات الكلى من جراء استعمال المسكنات لمدة طويلة هما العالمان سبوهلر وزولينجر عام 1953 في عمال مصانع الساعات السويسرية ، ثم تأكد هذا المرض سريعاً في باقي العالم، معظم البشر في العالم يشترون المسكنات من الصيدليات ومحال البقالة ويتناولونها بأنفسهم بدون أن يصفها له الطبيب خاصة الأسبرين والمسكنات المركبة التي تحتوي على الفناستين والأسبرين وقد يكون معها الكافيين والكودايين أو بيروبوكسبفين أو الباربيتيورات أو مضادات الهستامين أو المطمئنات أو المهدئات أو غيرها.
يحدث مرض الكلى بعد تناول 2كجم تقريباً (6حبات يومياً لمدة خمس سنوات) ، ويتمكن من الجسم بعد تناول 7كجم (لوحظ أن بعض البشر يتناولون أكثر من هذه الكمية إذ يتناول الواحد منهم من 20ـ50 كجم في حياته) بعض المرضى يتناولون هذا القدر من المسكنات بدون ظهور أعراض جانبية وبدون حدوث تسمم ولكن بعضهم الآخر يبدأ ظهور مرض الكلى لديه إذا تجاوز 2كجم ، مرض الكلى أقل حدوثاً في المرضى الذي تناولون مسكناً واحداً طوال حياتهم(الأسبرين مثلاً ) أما الذين يتناولون المسكنات المركبة ، خاصة تلك التي تحتوي على الفناستين مع الأسبرين فهم بالذات عرضة لهذا النوع من مرض الكلى (ومن الغريب أن السلطات الصحية في أنحاء العالم لم تحرم استخدام الفناستين في الطب بالرغم من تحريمها لاستعمال كثير من الأدوية بناء على قرائن أضعف من تلك التي تأكدت من استخدام الفناستين) وقد تحول الأطباء في السنوات الأخيرة لاستعمال باراستامول بدلاً من الفناستين (وهو أهم نواتج أيض الفناستين في الجسم) لكونه أقل في سميته من المركب الأصلي.
يسبب استعمال المسكنات التهاباً مزمناً في النسيج البيني للكلى مع ضمورها كما يساعد على حدوث الالتهابات الميكروبية بالكلى ، ويظهر التنكرز في حلمات الكلى من جراء التسمم بالمسكنات ، يحدث فشل كلوي مطرد لوظائف الكلى خاصة ضعف القدرة على تركيز البول وانخفاض في الترشيح ، يظهر الزلال في البول في معظم المرضى كما تكثر في البول الأسطوانات وكرات الدم الحمراء والبيضاء ، ويستمر تدهور المريض حثيثاً إلى أن يحدث الفشل الكلوي ثم الوفاة.
يكثر المرض خاصة في متوسطي العمر ، خاصة بين النساء ، لأن هذه هي الفئة التي تتناول كميات كبيرة من المسكنات خاصة إذا كن يعانين من قلق نفسي أو صداع آلام روماتزمية ، ويكثر بين المرضى حدوث القرحة الحمضية وفقر الدم ، إذا توقف المريض عن تعاطي المسكنات فإن التحسن في وظائف الكلى سيحدث ولن يستمر ضمور الكلى بل قد يزداد حجمها تدريجياً ، أما إذا كان المرض متقدماً بالكلى فإن التدهور سيستمر إلى أن يعاني المريض من الفشل الكلوي المزمن .

الكلى والسموم (1)

تؤثر كثير من السموم على الكلى ، لأن الكلى تفرز السموم من الجسم وتصل هذه السموم إلى تركيز عال جداً في البول ، مما قد يؤثر على نسيج الكلى وخلاياه أثناء عملية الإفراز.
والسموم تتزايد في العالم بسرعة رهيبة ، ويكفي أن نذكر أن العقاقير الطبية والكيماويات الصناعية يزداد الكشف عنها يوماً بعد يوم ويزداد تعرض البشر لها في صورة علاج يتعاطاه الإنسان أو في صورة مادة يتعامل معها في الصناعة أو في الحياة كمبيد حشري أو مادة تضاف إلى الأغذية لحفظها ، ومن أهم مظاهر مرض الكلى الناشئ من التعرض للسموم أنه مرض عكوس في معظم الأحيان ، يتم الشفاء منه إذا بطل التعرض للسم في مرحلة مبكرة.
نسبة حدوث مرض بالكلى نتيجة التعرض للسموم غير معروفة على وجه الدقة ولكنها تختلف من بلد لآخر ، فمرض الكلى الناتج من كثرة تعاطي المسكنات أو من التسمم بالرصاص أو الزئبق يحدث بكثرة في بعض البلدان دون غير ، قدرت نسبة حدوث مرض بالكلى نتيجة التعرض للسموم بحوالي 5% من مرضى المستشفيات ، وتسبب السموم حوالي 9% من حالات الفشل الكلوي في مكان جغرافي آخر ، كما تسبب السموم من 8ـ20% من حالات الفشل الكلوي الحاد ، وتسبب السموم حوالي نصف حالات الفشل الكلوي الحاد في الأطفال ، تقدير النسبة التي تساهم بها السموم في أمراض الكلى المزمنة أكثر صعوبة من أمراض الكلى الحادة.

ترجع العوامل المسببة لارتفاع نسبة إصابة الكلى بالسموم عن باقي أعضاء الجسم إلى :

ـــ ارتفاعالجسم،لدم الذي يسري في الكلى، حوالي 20% من الدم الذي يدفعه القلب يمر في 0.4% من وزن افيزيقية:ذا تمر السموم في الكلى، خاصة في القشرة، أكثر كثيراً من باقي الجسم.

ـــ ارتفاع نسبة استهلاك الأكسجين في نسيج الكلى يجعلها أكثر تعرضاً لأي مادة تسبب نقصاً في الأكسجين.

ـــ يزداد تركيز المواد لدرجة كبيرة في نخاع الكلى ويمر الدم ببطء شديد في هذا الجزء من الكلى.

تسبب السموم واحداً أو أكثر من التأثيرات التالية على الكلى.

1ـ ضرر مباشر لخلايا النبيبات مثل مركبات المعادن الثقيلة كالذهب والزئبق والرصاص وغيرها ، وقد تسبب تنكرز نيبي حاد أو لزمة كلائية أو فشل في أداء النبيبات لوظائفها وتحدث لزمة فانكوني ، كما تحدث التنكرز النيبي الحاد من حل كريات الدم الحمراء أو من نقص الأكسجين من التسمم بالمواد التي تسبب متهيموجلوبين مثل التسمم بجليكول الإيثلين أو من جراء نقص البوتاسيوم بعد استخدام مدرات البول القوية.

2ـ اللزمة الكلائية قد تنشأ من استخدام العقاقير مثل بعض عقاقير الصرع أو الروماتيزم.

3ـ انسداد النبيبات المجمعة قد تحدث من السلفوناميد الذي يذوب بقلة في البول ، أو التسمم بجليكول الإيثلين.

4ـ تنكرز حلمات الكلى والتهابات النسيج البيني المزمنة من جراء تعاطي كميات كبيرة من المسكنات لمدة طويلة وفيما يلي أهم السموم التي تؤثر على الكلى

ـــ المعادن الثقيلة : الكادميوم ، الرصاص الذهب ، الزئبق ، الليثيوم.

ـــ المذيبات العضوية : الهدروكربونات المكلورة.

ـــ الجليكول : وبخاصة الإيثلين جليكول.

ـــ عوامل فيزيقية : الإشعاع ، ضربة الحر، الصعقات الكهربية

ـــ مواد تشخيصية : صبغات الأشعة المعتمة التي تحتوي على اليود.

ـــ عقاقير تستخدم في العلاج : بعض المضادات الحيوية (وخاصة الأمينوجليكوسيدات )المسكنات (وبخاصة الفناستين والأسبرين) بعض عقاقير علاج الروماتيزم (من فصيلة ببرازولون ) ، بعض مضادات الصرع ، بعض عقاقير التخدير ، وعقاقير أخرى كثيرة .

حصوات الجهاز البولي

تنتشر حصوات الجهاز البولي بين البشر وتسبب لهم متاعب كثيرة وقد تكون مسئولة عن الوفاة ، في بعض الأحيان توجد الحصوات في 1.2% من الناس أي أن واحداً من كل ثمانين شخصاً تقريباً مصاب بحصوة بالجهاز البولي ، ووجود الحصوات قديم قدم التاريخ نفسه فقد وجدت في البرديات الطبية في مصر القديمة ، ووجدت في مومياوات قدماء المصريين وجاز ذكر لها في كتابات أبو قراط.

1% من الحصوات موجودة في الأطفال ، وتساوى وجودها بين الجنسين في البالغين وتكثر في العاملين بأذهانهم عن العاملين بأيديهم ، وقد وصفت "أحزمة " لوجود الحصوات ومواسم لتكاثرها ، ففي الولايات المتحدة يشمل "حزام" الحصوات عشرين ولاية من الخمسين ، فتكثر في ولايات الجنوب والجنوب الشرقي عنها في باقي الولايات ، وكثرت حصوات المثانة في بريطانيا لدرجة كبيرة بين عامي 1772و1816 فبلغت واحداً من كل 38 شخصاً ثم قلت حصوات المثانة حتى كادت أن تنعدم في أوربا في زمننا الحاضر،بينما تشاهد حصوات المثانة بكثرة حالياً في تايلاند والهند وتركيا خاصة في الأولاد ، وقد وجد أن صبياً من كل ثلاثة في شمال شرق تايلاند مصاب بحصوات المثانة ، كذلك فإن حصوات الكلى كانت نادرة في أوربا قبل 150سنة ، ولكنها تزايدت بالتدريج حتى وصلت إلى هذه النسبة في عصرنا الحاضر ، مع ارتفاع مستوى المعيشة وكثرة استهلاك اللبن ومنتجاته والإفراط في استهلاك اللحوم ، التي نتج عنها في نفس الوقت انعدام حصوات المثانة ،وهناك قصة طبيب إيطالي ووالده وجده ، والثلاثة من متخصص المسالك البولية ، كان الجد يشاهد حصوات المثانة بكثرة ، والابن يشاهد حصوات المثانة والكلى ، وصار الحفيد حالياً لا يشاهد حصوات المثانة وجل عمله على حصوات الكلى والواضح أن العوامل المسببة لحصوات المثانة تختلف جذرياً عن عوامل حدوث حصوات الكلى.

قد يكون هناك عامل وراثي في تسبب حصوات الكلى ، لكن الأغلب هو عامل اجتماعي اقتصادي وليس عاملاً وراثياً ، فقد تمت عدة دراسات على أزواج وزوجاتهم لا ينتمون عرقياً إلى نفس العائلة ووجد أن نسبة حصوات الكلى فيهما متساوية تقريباً ، ويرجع السبب في هذا إلى نوعية الطعام والماء الذي يشربانه في بعض العائلات جبلت العائلة على شرب كميات كبيرة من اللبن وأكل الجبن بكميات كبيرة ، وتكثر العائلة من تعاطي اللحوم وفي هذه العائلات يزيد تكون حصوات الكلى في الزوجين معاً ، وهناك عائلات أخرى تكاد لا تشرب اللبن ويتعمدون على النشويات في الأغلب في غذائهم ، وفي هذه العائلات يقل تكون الحصوات في الزوجين معاً .

هناك أماكن يكثر فيها الماء العسر ومناطق أخرى يشرب سكانها الماء اليسر ونسبة حدوث الحصوات تختلف اختلافاً واضحاً بينها ، بينما تزيد نسبة حصوات الكلى في المناطق التي يحتوي ماء الشرب فيها علي الكالسيوم ، تقل نسبتها في المناطق التي يشرب فيها السكان الماء العذب ، اليسر ، قليل الكالسيوم.

جدول يبين نسبة حصوات حمض البوليك من مجموع الحصوات في بعض بلدان العالم


وأخيراً فإن حرارة الجو عامل هام في نسبة حدوث حصوات اليورات فبينما تكثر في (فلسطين المحتلة) ومصر تقل هذه الحصوات في أوربا كما يوضح الجدول السابق.
(فلسطين المحتلة)39.5%
فرنسا23.3%
مصر19%
البرازيل17%
ألمانيا13%
الولايات المتحدة الأمريكية10%
أستراليا5.6%
بريطانيا 5%

تتكون حصوات المجاري البولية من تراكم مجموعة متباينة من الأملاح مع مركبات عضوية تنسج في نسيج واحد لتكون الحصوة البولية .

البول سائل فوق المشبع بالأملاح وإذا تكونت فيه نواة صغيرة من البروتين المخاطي تتجمع حولها الأملاح وتخرج من السائل فوق المشبع وتترسب مكونة حصوة بالمجاري البولية ، حصوات المثانة تكثر في الفقراء وفي الأطفال خاصة المصابين بنقص فيتامين أ ، و حصوات الكلى تكثر في الأغنياء ممن يكثر في طعامهم الكالسيوم(اللبن ومنتجاته) والبروتين وما يسببه من حموضة الأنسجة ، أو الماء الذي يحتوي على نسبة زائدة من الكالسيوم.

على الطبيب الذي يعتني بمريض مصاب بحصوة في الكلى ألا يقصر عمله على تشخيص وعلاج الألم والانسداد والنزف والالتهاب الصديدي والتدهور التدريجي في كفاءة الكلى ،بل يجب أن يمتد إلى محاولة بيان سبب تكون الحصوة لكي يتفادى معاودة الإصابة بها ، كما قد تكون الحصوة هي المظهر الأولي لمرض عام بالجسم كالنقرس أو فرط الغدد جنيبة الدرقية .

تتكون الحصوات في الإنسان إذا زاد البول بالأملاح نتيجة نقص كمية البول (العطش وقلة شرب السوائل) أو زيادة الأملاح بالبول خاصة أملاح الكالسيوم وحمض البوليك ، يزداد إفراز حمض البوليك بسبب عوامل وراثية تصيب الرجال أو بسبب أمراض بالجسم كاللمفوما وسرطان الدم ـ خاصة بعد العلاج الناجح ـ والفشل الكلوي ، وتسمم الحمل لدى النساء ، أما أملاح الكالسيوم فيزيد تركيزها في البول نتيجة كثرة تعاطيها في الطعام والشراب ، وكثرة امتصاصها من الأمعاء ، ونتيجة أمراض أخرى تزيد إفراز الكالسيوم بالبول مثل فرط الغدد جنبية الدرقية ، تعاطي كميات كبيرة من فيتامين د ،لزمة اللبن والقلويات (التي كانت تحدث في مرضى القرحة الحمضية ) ، الأورام الخبيثة التي تترسب في العظام ، مرض اللحمانية ، مرض النقيوم المتعدد ، المريض المصاب بالكسور ولا يتحرك لمدة طويلة ، أمراض نبيبات الكلى ، وخلافه ، وقد ثبت أن فرط الغدد جنبية الدرقية مسئول عن 5ـ 10% من حصوات المجاري البولية التي تحتوي على الكالسيوم ، خاصة عن الحالات التي يتكرر فيها تكون الحصوات ، عدد كبير من مرضى الحصوات يعانون من زيادة امتصاص الكالسيوم من الأمعاء.

على الطبيب إذا تبين سبب تكون الحصوات أن يعالجه بالطريقة المناسبة (استئصال الغدد جنبية الدرقية ، وقف تعاطي فيتامين د ، وقف تعاطي اللبن والقلويات.......الخ) ولكن في جميع الأحوال فإن النصح بشرب كميات كبيرة من السوائل والحد من الأطعمة والأشربة الغنية بالكالسيوم واجب ، بعض الأطباء وجدوا أن زيادة كمية ملح الطعام في الأكل قد تكون مفيدة في الإقلال من نسبة حدوث حصوات الكالسيوم ، أو إعطاء عقار يقلل من تكوين حامض البوليك في الجسم يساعد على خفض تركيز الأملاح في البول وبالتالي على ترسيب أملاح الكالسيوم ، تعمل هذه النصائح على منع إعادة تكوين حصوات الكالسيوم في نصف الحالات فقط.

أما حصوات حمض البوليك فمنع تكوينها يسير ويجب على كل الأطباء نصح المرضى بــإلى:ـ شرب كمية كبيرة من السوائل خاصة قبيل الرقود للنوم ليلاً .

ــــ إعطاء قلويات كبيكربونات الصوديوم للعمل على إفراز بول قلوي وهذا البول يزيد ذوبان حمض البوليك مائة مرة.

ــــ إعطاء العقاقير التي تخفض إنتاج حمض البوليك بالجسم (أللوبيوريبول) عدم إعطاء العقاقير التي تزيد إفراز حمض البوليك من الكلى.

انسداد المسالك البولية

انسداد المسالك البولية يؤدي إلى رفع الضغط داخل حوض وأنابيب الكلى ويعوق إنتاج البول ويؤدي في النهاية إلى عطل الكلى ، قد يصعب تشخيص انسداد المسالك البولية أو يتأخر ، وقد تكون معرفة السبب محيرة إن استثنينا الأسباب الواضحة كالحصوات وتضخم البروستاتا ، يحدث انسداد المسالك البولية في الأطفال حديثي الولادة ، في الشباب ، في متوسطي العمر وفي المسنين ، ويلاحظ موه الكلية في حوالي 5% من المتوفين.

في الأطفال تتساوى النسبة بين الجنسين ، موه الكلية هو أكثر أسباب الورم البطني لدى الأطفال حديثي الولادة ويحدث في نسبة 2% من الحالات ، في الشباب يكثر انسداد المسالك البولية بين الرجال نتيجة انسداد أسفل الحالب من ضيق سببه البلهارسيا أو ضيق قناة مجرى البول من السيلان أو البلهارسيا ، وفي متوسطي العمر يكثر في السيدات نتيجة الحمل وسرطان عنق الرحم ، ويكثر في المسنين بين الرجال نتيجة تضخم البروستاتا الحميد وسرطان البروستاتا ، ولكن لعل أهم أسبابه هو الحصوات التي تحدث في كل الأعمار وتحدث بالتساوي بين الجنسين ، وقد يربط الحالب خطأ من الجراح أثناء إجراء عملية (على القولون أو في الحوض) إذا كان الانسداد تحت المثانة ، يلاحظ المريض ضعفاً في اندفاع البول ، الذي ينزل كخيط رفيع من قناة مجرى البول ، ويلاحظ تنقيط البول بعد التبول ، والتبول أثناء الليل ، ولا يستطيع المريض حبس البول إذا جاءته الرغبة بل يندفع لتفريغ المثانة في الحال ،وأخيراً يصاب بسلس البول إذا امتلأت المثانة فوق طاقتها (السلس مع الاحتباس) ،وألم الخاصرة عند التبول يشير بشدة إلى ارتجاع البول من المثانة إلى الحالب ، التبول المدمي هو عرض كثير الحدوث في انسداد المسالك البولية.

الألم هو العرض الذي يدفع المريض إلى استشارة الطبيب ،وألم الجنب وعدم الراحة التي يشعر به المريض بانسداد المسالك البولية تسببان من مط كبسولة الكلية وتمددها وليس نتيجة المغص ويزولان في الحال إذا زال هذا الانتفاخ مثل إدخال قسطرة لتفريغ البول المتراكم المسبب للانتفاخ ، وترجع شدة الألم إلى سرعة حدوث الانتفاخ وليس إلى درجته ، فالانتفاخ الحاد المصاحب لسدة حصوة للحالب يكون مصحوباً بألم شديد أما الانسداد المزمن المسبب لموه عظيم بالكلية من جراء عيب خلقي بين الحالب وحوض الكلى لا يكون مصحوباً بأي ألم ، والألم بالخاصرة الذي يشع إلى الخصية أو الجانب الداخلي للفخذ هو العلامة المميزة لانسداد حاد بالحالب ، وفي هذه الحالة يكون المريض قلقاً ولا يمكنه الهدوء على حاله وكثير الحركة والصراخ ، ألم الجنب يتسلل برفق ويستمر ويتصاعد ولا يكون بشكل مغص متقطع عادة ويستغرق من نصف ساعة إلي ست ساعات ، وأحياناً طوال اليوم ، ومع آلام الكلية قد يحدث شلل بالأمعاء مع أعراض بالجهاز الهضمي ، ومما هو جدير بالملاحظة أن انسداد المسالك البولية قد يستمر لمدة طويلة بدون أن يشكو المريض من أي ألم إلى أن يحدث التهاب ميكروبي أو يستمر إلى أن يحدث فشل كلوي مزمن.

انسداد الكلية الجزئي لمدة طويلة يؤثر على قدرتها في تركيز البول وإفرازها لبول شديد الحموضة ، وأخيراً يؤثر على القدرة الترشيحية للكلى بعد تلف الكبيبات ، يلاحظ المريض كثرة التبول لكميات متزايدة من البول ، والتبول أثناء الليل ، ثم يبدأ في الشكوى من العطش ، امتناع التبول تماماً هو علامة على الانسداد التام للمسالك البولية.

الفحص الإشعاعي للجهاز البولي

أساسي في حالات انسداد المسالك البولية ، الأشعة العادية سوف تظهر الحصوات ، والأشعة بالصبغة سوف تبين حجم الكلى وإفرازها للصبغة وتظهر حوض الكلى والحالبين والمثانة وتبين أي ضيق بالحالب أو أي حصوات غير معتمة لم تظهر في الأشعة العادية ،وتبين حجم البروستاتا ، وكمية البول المتبقي بالمثانة بعد عملية التبول ، وسوف تظهر ارتجاع البول في الحالب عند التبول في حالة عدم كفاءة الصمام بين الحالب والمثانة ، الأشعة بالموجات فوق الصوتية سوف تبين حجم الكلى ، و الحصوات بالكلى أو المثانة ، وحجم البروستاتا وكمية البول المتبقي بالمثانة بعد التبول ، أورام المثانة وحوض الكلى سوف تظهر بوضوح في الأشعة بالصبغة أو الموجات فوق الصوتية.

وفحص المثانة بالمنظار أساسي في حالة الاشتباه في أورام المثانة ، وأخذ عينة منها للفحص الباثولوجي سوف يؤكد نوع الورم في حالات البول المدمي فحص المثانة بالمنظار سوف يعين مصدر الدم ، هل هو من المثانة أو يقطر من فتحة أحد الحالبين.

وأخيراً فإن لانسداد المسالك البولية عدداً من المضاعفات الهامة:

1ـ الالتهاب الميكروبي الذي يستحيل البرء منه طالما ظل انسداد المسالك ، ووجود هذين العاملين معاً :انسداد + عدوى ميكروبية يؤدي سريعاً إلى حدوث الفشل الكلوي.

2ـ ارتفاع ضغط الدم.

3ـ تكاثر الحمر مضاعفة نادرة في هذا المرض ولكنها تحدث.

4ـ الجفاف لكثرة كمية البول غير المركز الذي يفقده المريض في هذه الحالات.

5ـ تكون الحصوات.

6ـ الفشل الكلوي.

انسداد المسالك البولية مرض جراحي يلزمه تدخل جراح المسالك البولية لإزالة الحصوات أو إصلاح ضيق بالحالب أو قناة البول أو إزالة ورم بالمثانة.

الالتهاب الميكروبي المتكرر

من أهم مظاهر هذا المرض تكرار حدوث الالتهاب الميكروبي بعد تمام الشفاء ، ويكون الالتهاب الجديد في أكثر من 80% من الحالات من فصيلة أخرى من الميكروب غير الميكروب الذي تم القضاء عليه، يحدث الالتهاب المتكرر خاصة في الأولاد المصابين بانسداد خلقي في المسالك البولية (وقد يكون الالتهاب فيهم مميتاً ) ويكثر في النساء ، اللواتي يعاودهن الالتهاب مرة بعد مرة حتى يحدث الفشل الكلوي ، ويسبب فهن الوفاة عادة من سن 40ـ60 سنة .

يتلخص علاج التهاب المسالك البولية والكلى الميكروبي في فصل الميكروب المسبب للمرض بمزرعة البول واختبار حساسيته لمضادات الميكروبات ، ثم إعطاء المريض المضاد المناسب للفترة المناسبة ، علاج التهابات المسالك البولية السفلي (التهاب المثانة مثلاً) يكفيه علاج لمدة ثلاثة أيام أما في التهاب الكلى الميكروبي فينبغي الاستمرار في تناول مضاد الميكروبات لمدة لا تقل عن عشرة أيام ، بعض مضادات الحيوية تثبط نمو الميكروب فحسب وبعضها الآخر قاتل للميكروب ، وينبغي على الطبيب تخير مضاد من الصنف القاتل للميكروبات ، إذا أثبتت مزرعة البول أن هناك عدداً كبيراً من المضادات فعالة على الميكروب فمن واجب الطبيب تخير أقلها سمية على الجسم وأقلها في الأعراض الجانبية ، وأيسرها في التناول (يختار المضاد الذي يعطى بالفم وليس الذي يعطى زرقاً في الوريد مخففاً في محاليل على سبيل المثال) والذي يعطى مرة واحدة كل 24 ساعة أفضل من ذلك الذي يعطى كل 3 ساعات ،وأخيراً على الطبيب أن يختار ـ إذا تساوت كل هذه الشروط ـ أرخصها ثمناً ، مثلاً التهاب المثانة البسيط ، بدون مضاعفات ، المتسبب من باسيل القولون ، الذي يقابله الممارس في سيدة في المجتمع ، يكفيه العلاج لثلاثة أيام فحسب بـ"كوترايموكسازول" ً فسعره زهيد ، مثل هذا الالتهاب البسيط المتسبب من ميكروب بسيط حساس لكافة مضادات الميكروبات من الخطأ أن يعالجه الطبيب بعقار باهظ الثمن يعطى زرقاً بالوريد في محاليل كل 6 ساعات ولمدة عشرة أيام.

إذا قابل الطبيب مريضاً يشكو من نوبات متكررة من الالتهاب فواجبه الأول استبعاد أي مرض يستدعي التدخل الجراحي قبل أن يعاود علاجه بمضادات الميكروبات ، قد يحتاج المريض لإزالة حصوة أو استئصال بروستاتا أو توسيع قناة مجرى البول أو خلافه ، ثانياً العدوى بالمستشفيات كثراً ما تسببها ميكروبات صعبة العلاج (مثل بسودوموناس أو كلبسيلا) أو لديها مقاومة للمضادات الحيوية المألوفة وتحتاج للعلاج بمضادات حيوية منتقاة بعناية في ضوء الأسس السابق توضيحها ، في ضوء الأسس السابق توضيحها ، وهذه المضادات مرتفعة الثمن في الأغلب ،وأخيراً المرضى ثبتت لديهم قسطرة في المثانة (لاحتباس مزمن في البول أو لمرض في أعصاب المثانة) كان من الشائق أن يوصف لهم مضاد للميكروبات على سبيل الوقاية من حدوث الالتهابات ، ثبت أن وصف المضاد لا يجدي في الوقاية ويربي ميكروبات تتحصن ضد تأثيره ، والذي أنصح به أن تنتظر حتى تحدث الأعراض (ارتفاع في الحرارة ، قشعريرة....إلخ) وعندئذ يعطى مضاد حيوي لفترة قصيرة لعلاج الالتهاب الذي حدث.

ارتفاع ضغط الدم

تتباين نسبة ارتفاع ضغط الدم في التهاب الكلى الميكروبي بين 22ـ70% ولكن يظل بعض المرضى محتفظين بضغط دم طبيعي حتى الوفاة بالفشل الكلوي ، تزداد حدوث ارتفاع ضغط الدم في هذا المرض إذا كان هناك استعداد وراثي للضغط المرتفع ، وقد يرجح هذا أن التهاب الكلى الميكروبي يساعد على ظهور هذه النزعة فحسب ،وقد يساعد العلاج بمضاد حيوي على خفض ضغط الدم المرتفع ،وقد يرتفع ضغط الدم ثانية عند تكرار حدوث التهاب الكلى ، يكثر حدوث ارتفاع ضغط الدم المرتفع الخبيث في مرضى التهاب الكلى الميكروبي (من15ـ20%) عنه في سائر المرضى ذوي الضغط المرتفع(2%).



تقدم سير التهاب الكلى الميكروبي



سبق أن ذكرنا أن التهابات المسالك البولية الميكروبية أكثر أمراض الجهاز البولي انتشاراً ومن أكثر نزلات البرد والزكام ،ولكن تأثيرها يختلف من مريض لآخر والمحك هو ، هل أصاب الالتهاب الكلى أم اقتصر على المسالك البولية السفلي ؟ من أخطر ما يحدث في هذا المرض وصول الميكروب إلى الدم ، ويحدث هذا كثيراً بعد استعمال أدوات وآلات تدخل في المثانة وحوض الكلى ، مما يفعله كثيراً متخصصو المسالك البولية ، ويحدث في الأطفال أكثر من الكبار حيث قد يترك الطفل بكلية ضامرة ، خاصة إذا كان هناك عيب خلقي أو مكتسب بالمسالك البولية ، مثل وجود ارتجاع البول إلى الكلى من عدم كفاءة صمام أسفل الحالب ، وقد يؤدي التهاب الكلى الميكروبي إلى تسمم الحمل وتشوهات الجنين كما يسبب أحياناً فقداً زائداً للصوديوم من الجسم ، بتقدم سير المرض تنخفض كفاءة الكلى تدريجياً ويصاب المريض بالفشل الكلوي.



التهابات الكلى والمسالك البولية الميكروبية

من الممكن تقسيم المرضى بالتهابات المسالك البولية الميكروبية إلى المجموعات التالية:

1ـــ التهاب المسالك البولية الحاد غير المصحوب بمضاعفات.

2ـــ التهاب المسالك البولية الحاد مع وجود مضاعفات.

3ـــ وجود ميكروبات بالبول بدون أعراض.

4ـــ الالتهابات المتكررة.

ومن الممكن أن يقابل الطبيب التهابات الكلى الميكروبية في الممارسة العامة في المجتمع وفي المستشفيات وكثيراً ما تحدث هذه الالتهابات مع الحمل أو بعد الولادة ، وكثيراً ما تؤخر الشفاء بعد العمليات الجراحية ، يعالجها المتخصصون كما يعالجها الممارسون العاملون غير المتخصصين وكثيراً ما تصيب الأطفال والمسنين ، وكل مجموعة من الأطباء تشاهد نوعية بعينها من المرضى من اليسير تشخيص التهابات المسالك البولية بزرع البول ، واختيار مضاد البكتريا المناسب من عدد كبير من مضادات الميكروبات ،ولكن تشخيص إصابة نسيج الكلى بالتهاب ميكروبي قد يكون عسيراً.

أثبتت المسوح الطبية في المجتمع على البشر ككل وفي نطاق الممارسين العامين وعلى المرضى في المستشفيات وعلى الجثث المشرحة بعد الوفاة البولية،ئق الهامة والجديرة بلفت النظر إليها.

يكثر المرض في سنة الحياة الأولى بين الأولاد من الذكور (في حوالي 2% من الأولاد) ثم ترتفع النسبة بعد السنة الأولى كثيراً بين البنات وتبلغ 1.5% بين البنات من سن 1ـ4 سنوات ثم إلى 3ـ4% بين البنات من 4ـ14 سنة منها حوالي 15% التهابات في الكلى بالإضافة إلى التهابات المسالك البولية ، وبعد سن البلوغ تستمر الالتهابات الميكروبية كثيرة بين النساء وقليلة بين الرجال حتى سن الخمسين (25% في النساء ، 0.5% بين الرجال ) إلا في ريف مصر ، حيث تصيب بلهارسيا المسالك البولية الجنسين وتكون نسبتها مرتفعة في النساء واوالزكام،ً ، أما في المسنين فترتفع الالتهابات خاصة في الرجال مع تضخم البروستاتا وصعوبة إفراغ البول.

تزداد الالتهابات بين النساء لدرجة كبيرة في شهر العسل (نتيجة الإفراط في الممارسة الجنسية)، وترتفع النسبة أيضاً بشدة مع الحمل (قدر إدوارد كاس هذه النسبة بين الحوامل 42%) نصفها تقريباً يصيب الكلى ، كما تزداد نسبة حدوث التهابات المسالك البولية والكلى في المرضى داخل المستشفيات (7% الرجال متوسطي العمر و20% في الرجال المسنين و15% في النساء صغيرات السن و30% في المسنات) وبين الموتى الذين شرحت جثثهم تبين وجود علامات على التهاب الكلى الميكروبي في 4ـ5% من صغر السن وفي ما يزيد عن 20% بين المسنين ، ومن بين هؤلاء ثلث المرضى فقط تم تشخيصهم السليم وهم على قيد الحياة بينما لم يتنبه الأطباء إلى التهاب الكلى الميكروبي في ثلثي الحالات.

الميكروبات التي تسبب الغالبية العظمى من التهابات المسالك البولية والكلى هي ميكروبات تقطن طبيعياً في الأمعاء مما يؤكد أن السبب الرئيسي للالتهابات هو دخول الميكروبات من فتحة قناة مجرى البول وصعوده إلى المسالك البولية السفلى ثم العليا ، أثبتت المسوح المتتالية أن باسيل القولون كان مسئولاً في الخمسينات عما يزيد عن 90% من هذه الالتهابات ولكن في أواخر الألفية الثانية شاركه ميكروب الكلبسيلا الذي صار مسئولاً عن حوالي ربع الحالات.

تشير القرائن الكثيرة والمتعددة أن الميكروب يدخل قناة مجرى البول من تلوث العجان ثم يقطن فرج المرأة ويساعده في الدخول الممارسة الجنسية والحمل والولادة ونوبات الإسهال وعدم العناية الدائمة بنظافة العجان (خاصة بالغسيل بالماء) بعد التبرز ، قصر طول قناة مجرى البول عند النساء وملاصقة فتحتها للعجان والفرج الملوثين بالميكروبات هما اللذان يؤديان إلى أن النسبة الغالبة من هذه الالتهابات تحدث في البنات والفتيات والنساء.

من أهم العوامل المساعدة على حدوث التهابات هو عدم التفريغ الكامل للمثانة ووجود عوائق أو انسدادات بمجرى البول (حصوات ،بروستاتا متضخمة ، ضيق بقناة مجرى البول أو بأسفل الحالب، ضيق عنق المثانة [وهذان السببان الأخيران يرجعان إلى الإصابة بالبلهارسيا]، أورام ، ..........الخ) أو رجوع البول إلى الكلى عند انقباض المثانة للتبول نتيجة عدم كفاءة الصمام بأسفل الحالب ، كذلك فمن أكثر المسببات لحدوث هذه الالتهابات دخول القساطر (غير المعقمة ) أو آلات وأدوات متخصص المسالك بعد عملية استئصال البروستاتا بالمنظار ، كذلك يساعد سلس البول ، وبخاصة احتباس البول الناتج عن مرض بأعصاب المثانة ، على حدوث الالتهابات ، وأخيراً فإن إصابات الكلى والداء السكري وعوز المناعة وربما ارتفاع ضغط الدم قد تمهد الطريق لحدوث التهابات ميكروبية ،وأخيراً فإن تعاطي المسكنات لفترات طويلة وبكميات كبيرة (خاصة الفناسيتين والأسبرين) ، نقص البوتاسيوم ، زيادة الكالسيوم ، بعض العقاقير كالدندفان ، قد تؤدي إلى تغيرات في نسيج الكلى والنبيبات تمهد الطريق لإصابتها بالتهاب ميكروبي.

أعراض التهاب المثانة

كثرة التبول لكميات صغيرة من البول مع صعوبة التبول وحرقان البول ، والتهابات حوض الكلى واضحة (ألم بالظهر ، وارتفاع درجة الحرارة وقشعريرة ) وقد يلاحظ المريض عكارة البول ويشم رائحة كريهة له ، ولكن هذه الأعراض قد تختلط أو لا تكون موجودة أو يشكو المريض من أعراض أخرى كآلام البطن ، في الأطفال الرضع قد تلاحظ الأم أن الطفل يرفض الرضاعة وقد يعاني من القئ وأحياناً الإسهال، ومن سن 2ـ5 سنوات يكون ارتفاع درجة الحرارة هو العرض الرئيسي وقد يعاني الطفل من سلس البول وعدم قدرته على التحكم فيه بالإضافة لكثرة مرات التبول والحرقان.

لتأكيد التشخيص ينبغي فحص البول وزرعه في حالات الالتهاب الحاد تكثر الخلايا الصديدية بالبول (قد يكون البول كله صديداً) ويسهل زرع الميكروب المسبب للالتهاب ، كذلك تتزايد كرات الدم البيضاء عند عد الدم ، ويظهر قليل من الزلال في البول (خاصة عند التهاب الكلى) ويتأكد إصابة الكلى بالفحوص الإشعاعية وبإجراء بعض فحوص وظائف الكلى (قلة تركيز البول مع الحفاظ على وظائف الكبيبات ) ، يمكن بفحص نسيج الكلى المأخوذ بالخزعة الإبرية تشخيص إصابة الكلى بالالتهاب (ولكن النتيجة السلبية لا تنفي إصابة الكلى).

ممكن أن يؤدي التهاب الكلى الصديدي في نهاية الأمر إلى الفشل والوفاة، ولكن هناك مضاعفات أخرى كثيرة يستحسن ذكرها وهي ارتفاع ضغط الدم ، تسمم الحمل ، الأطفال المبتسرون ، إصابة الأجنة بالميكروب وحدوث تشوهات بها ، التسمم الدموي والصدمة ، التهاب العظم ، والالتهاب البطاني العفن للقلب.

الكلى والأمراض العامة بالجسم (8)

النقرس



النقرس داء يصيب الرجال دون الإناث وتبدأ الأعراض في الظهور فوق سن الأربعين، يظهر النقرس بإحدى هذه الصور:



ـــ التهاب حاد مفصل إبهام القدم حيث يتورم المفصل ويحمر ويصير مؤلماً بشدة بحيث لا يتحمل المريض اهتزاز السرير من جراء سير شخص على ارض غرفة النوم ولا يتحمل غطاء السرير على قدميه ، ترتفع حرارة المريض لعدة أيام ويستغرق التهاب المفصل الحاد حوالي أسبوع ، ثم يشفى الالتهاب ، ليعاوده بعد أسابيع أو أشهر في نفس المفصل (أو المفصل المقابل) وبعد عدة سنوات من تكرار الإصابة ينتقل إلى مفاصل أخرى(الأكحل ، ركبة الكتف،...الخ)



ـــ التهاب المفاصل المزمن مع الرواسب الرملية (التوف) تترسب توف من يورات الصوديوم في الغضاريف وأغشية المفاصل المصابة وأوتار العضلات وفي الأنسجة الرخوة ، تترسب في صيوان الأذن وفي الساعد وحول الكوع وحول الأكحل ، تتقرح التوف ويخرج منها مادة تشبه الطباشير أو معجون الأسنان غنية بأملاح يورات الصوديوم.



ـــ حصوات اليورات بالجهاز البولي ، وهي حصوات شفافة قلما تظهر في صورة الأشعة العادية (ولكنها تظهر بوضوح في تصوير الجهاز البولي بالصبغة وفي الصور المأخوذة بالموجات فوق الصوتية) ، وهي حصوات متكررة كثيراً ، منها ما ينزل مع البول عند التبول وقليل منها يبقى بحوض الكلى حتى تتضخم لدرجة كبيرة وتتشعب في نسيج الكلى وتسبب التهاب الكلى الميكروبي وفي النهاية الفشل الكلوي المزمن.



ـــ مرض الكلى : يظهر أولاً زلال بالبول ويقل تركيز البول ، يتطور حثيثاً إلى الفشل الكلوي المزمن ، ويرجع مرض الكلى إلى ترسب بلورات يورات الصوديوم في نسيج الكلى وإلى انسداد النبيبات بهذه البلورات ويرتفع ضغط الدم قد يحدث انقطاع سريان البول مع فشل كلوي حاد.



مرض النقرس من أسهل الأمراض في العلاج ،وشفاء الكلى أكيد إذا اتبع المريض العلاج بكل دقة وبدأ العلاج قبل أن يستفحل ، الحرص على شرب كميات كثيرة من السوائل ، والحرص الدائم على قلوية البول ، وتعاطي العقاقير المثبطة لإنتاج حمض البوليك بالجسم هي أسس العلاج.

الكلى والأمراض العامة بالجسم (7)

الداء السكري

إصابة الكلى في الداء السكري تتزايد عاماً بالميكروبي،ت هي وإصابة شبكة العين التي تؤدي إلى كف البصر ، أكثر مضاعفات السكر حدوثاً بعد أن قلت جداً حالات الغيبوبة بعد العلاج بالأنسولين ، والالتهابات الميكروبية وعلاجها بمضادات حيوية ، والدرن وعلاجه بمضادات باسيل الدرن ، وصار فحص البول للزلال من أهم الاختبارات التي يمارسها الأطباء لمرضى السكر عند زيارة المريض للعيادة.

تحدث إصابة الكلى بعد مدة طويلة من ظهور الداء السكري ـ بعد حوالي 15 سنة في المتوسط ـ وقد تقل هذه المدة حسب انتظام المريض في رعاية نفسه وضبط السكر لديه ـ تغيرات الكلى ليس لها علاقة بشدة المرض فهي تظهر في السكر الخفيف والمتوسط والشديد ، ولا بنوعية مرض السكر ( الصنف 1) الذي يبدأ في سن الطفولة أو (الصنف 2) الذي يبدأ مبكراً لأن المريض عنده فسحة طويلة من الوقت.



تبدأ التغيرات في كبيبات الكلى وفي شبكية العين وفي الأعصاب الطرفية في نفس الوقت تقريباً ، فيشكو المريض من ضعف الإبصار وخدل الأطراف في نفس الوقت الذي يشكو فيه من إصابة الكلى ، تبدأ إصابة الكلى بظهور الزلال في البول ويتزايد تدريجياً حتى يسبب فقد كميات كبيرة من الزلال من الجسم ونضوب زلال المصل ويصاب المريض باللزمة الكلائية ، فيتورز وجهه ويتورم قدماه وساقاه ثم كل جسمه يصاحب هذا ارتفاع تدريجي في ضغط الدم وبعد حوالي سنتين تتدهور كفاءة الكلى لدرجة أنه يصاب بالفشل الكلوي المزمن الذي يحتاج للعلاج بالديلزة أو زراعة الكلى ، ويصاحبه فقر دم تدريجي.



مرضى السكر معرضون أيضاً لالتهاب حوض الكلى الميكروبي ، ويحدث هذا مراراً ويسبب تسارع حدوث الفشل الكلوي ، يصيب مرضى السكر أحياناً نوع داهم من التهاب حوض الكلى الميكروبي.



تظهر إصابة كبيبات الكلى كتمدد في شعيرات الكبيبات وازدياد سمك جدران الشعيرات بالكبيبات ثم ترسب كميات كبيرة من الجليكوبروتين بها على شكل عقد ، هذه التغيرات المميزة ـ خصوصاً العقد ـ تسهل تشخيص المرض في عينة نسيج الكلى المأخوذ بالخزعة الإبرية .

لا يوجد علاج لهذا المرض ولو أن الضبط الدقيق للسكر يساعد في تأجيل حدوث هذه التغيرات في الكلى.

الكلى والأمراض العامة بالجسم (6)

تصلب الجلد(Scleroderma)

يصيب هذا المرض النساء أكثر من الرجال ، عادة بين سن الثلاثين إلى الخمسين لا تصاب الكلى إلا في المراحل النهائية لهذا المرض المزمن الطويل ، يصيب المرض الجلد ويسبب تصلبه بحيث لا يمكن قرصه بل يصير ملاصقاً للعضلات (أو العظام) ، ويصيب أول ما يصيب جلد الوجه (حول العينين والفم) وجلد اليدين والقدمين ، وإذا انتشر يصيب المفاصل ، والجهاز الهضمي ، والقلب ، وأخيراً الكلى ، تظهر إصابة الكلى إما على شكل زلال بالبول أو ارتفاع شديد في ضغط الدم في المراحل النهائية مصحوبة بالفشل الكلوي الذي يكون حاداً في معظم الأحوال لإصابة شرايين الكبيبات بالتصلب ومنع سريان الدم فيها . للأسف لا علاج لهذا المرض.



الكلى والأمراض العامة بالجسم (5)

الذؤاب الاحمراري المجموعي(الذئبة الحمراء)

هذا المرض منتشر وإصابة الكلى فيه من أهم مظاهره.

تشير بعض الإحصاءات أن هذا المرض يحدث في واحدة من كل 400 فتاة (نسبة حدوثه في النساء إلى الرجال 9:1) أي إذا كان عدد النساء والفتيات في مصر 40مليون نسمة فإن عدد المريضات بالذؤاب الاحمراري 100 ألف امرأة ، ويبلغ عدد المصابات بدرجة متقدمة من المرض في الكلى خمس هذا العدد أي 20 ألف امرأة.

يصيب هذا المرض الجنسين ، ولو أن 90% من المصابين فتيات في الجامعة أو حديثات الزواج في مقتبل العمر وهذا مما يزيد المصيبة حدة.

للمرض صور متباينة ولكنه عادة يشمل جميع أو معظم أعضاء وأنسجة الجسم.

أكثر المظاهر انتشاراً هو ارتفاع درجة حرارة الجسم : من 38ـ 39.5مئوية عادة مع آلام عامة بالجسم والمفاصل ، تشخص معظم الحالات أولاً على أنها تيفود وتعطى علاج التيفود ولا تستجيب وتظهر الفحوص المعملية أن ارتفاع الحرارة ليس سببه التيفود ،قد يشتبه بعض الأطباء في الملاريا ، ولكن غالبيتهم يتجهون بالتشخيص إلى الحمى الروماتزمية (ويشجعهم على هذا التشخيص سرعة الترسيب المرتفعة) ولو أن باقي فحوص الحمى الروماتزمية تكون عادة سلبية ،وأخيراً تتوجه المريضة وأهلها لاستشارة طبيب يفهم في هذا المرض وتتأكد الإصابة به بعد مدة شهر أو أربعة أشهر أو أكثر.

سمى هذا المرض بالذؤاب الاحمراري لظهور طفح أحمر على الوجنتين وأرنبة الأنف ، يظهر هذا الطفح على المرضى في ثلث الحالات عند بداية المرض ويظهر في ثلث آخر أثناء مراحل المرض ، ولا يظهر أي احمرار على الوجه في ثلث المرضى ، يساعد على ظهور الطفح الأحمر تعرض المريضة لضوء الشمس ، ويسقط الشعر ، وهناك أنواع أخرى من الطفح قد تظهر على الجلد منها الطفح البقعي أو الحلمي أو النزفي ، ولكن الطفح الوحيد المميز هو احمرار الوجه.

يصيب بعض الفتيات ارتشاح بلوري (أو ارتشاح في التامور أحياناً) ويصيب معظم المرضى التهاب بالمفاصل الكبيرة (كالحمى الروماتزمية) أو الصغيرة (مثل الروماتزميان) أو تصيبهم آلام بالمفاصل بدون تورمها أو التهابها أو تعوجها ، قد يحدث تضخم بالعقد اللمفاوية أو تضخم بالطحال أو الكبد ونادراً ما يصيب الفتيات يرقان ، يصيب المرض الجهاز العصبي المركزي وقد تشكو المريضة من صداع وتشنجات عصبية كالصرع ، ويصيب الأعصاب الطرفية بالتهاب ، وقد تحدث للمريضات أعراض نفسية متعددة ومختلفة ، من أهم مظاهر هذا المرض فقر الدم المتوسط أو الشديد وانخفاض عدد كرات الدم البيضاء (يكون عدد كرات الدم البيضاء مرتفعاً في الحمى الروماتزمية) وانخفاض عدد الصفائح الدموية وحدوث النزف تحت الجلد أو بالأغشية المخاطية وتعدد إصابة أجهزة الجسم ، وهو السبب في تسمية المرض ـ المجموعي ـ ولكن أهم الأعضاء الداخلية التي تصاب بالمرض هي الكلى .

قد تظهر الإصابة في صور:

ـــ التهاب حاد بالكليتين مع قلة سريان البول وارتفاع ضغط الدم وظهور الدم في البول.

ـــ ظهور الزلال بالبول مع ظهور جميع أنواع الأسطوانات.

ـــ اللزمة الكلائية مع وجود ورم عام بجميع أجزاء الجسم.

ـــ ارتفاع ضغط الدم الكلوي مع وجود الزلال بالبول.

ـــ فشل كلوي حاد أو مطرد أو مزمن.

يمكن التأكد من تشخيص مرض الذئبة الحمراء بالفحوص المعملية: زيادة شديدة في سرعة ترسيب الدم ، وجود الخلايا المميزة للذئبة الحمراء في الدم ، وجود مضادات لنوايا الخلايا بالدم ، انخفاض نسبة العامل المكمل بالدم ،وأخيراً فحص عينة من نسيج الكلى مجهرياً لبيان التغيرات المميزة لمرض الذؤاب الاحمراري.

كان يظن قديماً أن إصابة الكلى في هذا المرض تعني بداية النهاية وأن المريض يسير إلى حتفه لا محالة ، ولكن ثبت أن العلاج المستمر ، المكثف الذي لا هوادة فيه عند بدء إصابة الكلى شاف تماماً لهذا المرض ، يشمل العلاج تعاطي جرعات كبيرة جداً من الستيرويدات الكورتيكية (بعض المرضى ويرفضون أو يتكاسلون أو ينصحهم البعض بخفض الجرعة فيقع عليهم الغرم ولا يصيبهم الغنم وهو الشفاء الكامل) بالإضافة إلى العقاقير المثبطة للمناعة لأسابيع أو شهور طويل.

العلاج بالستيرويدات الكورتيكية يسبب السمنة الزائدة (إنه يفتح شهية الأكل) ويسبب تورم الوجه واحمراره (يصير مستديراً كالقمر) ، ويفتح الجلد ، ويسبب ظهور الشعر على الوجه ،ويسارع بتساقط شعر الرأس وظهور حب الشاب ، ويسبب عدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها تماماً (ترجع في الحالات) ، وقد يسبب زيادة الحموضة أو القرحة الحمضية بالا ثنى عشر وظهور الداء السكري ،وتخلخل العظام وضمور العضلات ، ولكن كل هذه المتاعب والأعراض الجانبية يجب على المريض تحملها وقبولها في سبيل الشفاء الكامل ، خاصة أن معظمها مؤقت ، يختفي تماماً بعد التوقف عن تعاطي العقار ، بعض المتاعب دائمة ، مثل إعاقة النمو لدى الأطفال ولكن الجائزة كبيرة ويجب ألا نضيعها ، وإلا أصاب المريض الفشل الكلوي المزمن الذي سيحتاج إلى العلاج بالديلزة لباقي العمر.

الكلى والأمراض العامة بالجسم (4)

التهاب الشرايين المتعدد العقدي

يصيب هذا المرض الشرايين الصغيرة في معظم أعضاالطرفية، وإصابة شرايين الكلى كثيرة وتحمل عادة مآلاً سيئاً ، تبدأ الأعراض في بعض الحالات بإصابة الرئة وتتقدم حثيثاً بتؤدة وبطء لعدة سنوات قبل إصابة بقية الجسم ، يعاني المريض من النزلات الشعبية المزمنة مع سعال وبصاق مستمرين ونوبات من الالتهاب الرئوي ، وتكثر في الدم الكرات الإيوزينوفيلية . أما الحالات التي لا تشمل الرئة فإن المرض يأخذ شكلاً حاداً من البداية مع ارتفاع في درجة الحرارة وكثرة كرات الدم البيض، وقد يحدث هبوط بالقلب من إصابة الشرايين التاجية أو التهابات متعددة بالمفاصل شبيهة بمرض الروماتزميان.



وتكثر إصابات الجهاز العصبي المركزي والأعصاب الطرفية ، تحدث إصابة شرايين الكلى في نوعي هذا المرض وتكون هي السبب الرئيسي للوفاة.



قد يصيب المرض االجنسين،لدقيقة للكلى ويسبب نقص سريان البول والفشل الكلوي ، وقد يصيب شرايين الكلى الكبرى ، تفرعات الشريان الكلوي الرئيسي ويسبب احتشاء بالكلى ، تختلف مظاهر المرض بالكلى بين صورة شبيهة بالالتهاب الحاد إلى ارتفاع الضغط إلى اللزمة الكلائية.



ويكون العلاج بالستيرويدات الكورتيكية ، ومثبطات المناعة مفيد قبل تمام دمار الكلى.